فتوح الشاذلي يكتب: من أجل السودان

تتواصل الجهود المصرية من أجل وقف آلة الحرب في السودان وإنقاذ الأشقاء من الدخول في دائرة صراع لا تنتهي.. الخارجية المصرية لا تألو جهدا من أجل الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه.

البداية كانت موقفًا مصريًا واضحًا منذ اليوم الأول وهو عدم التدخل في الشأن الداخلي واحترام سيادة وسلامة أراضي السودان وارتكاز الجهود الدبلوماسية على مساعدة الأشقاء في الخروج من المحنة وتوفير البيئة الملائمة للحوار.

طلبات مصر بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار حفاظًا على دماء أبناء الشعب السوداني وكذلك التزام جميع الأطراف بتثبيت الهدنة وبدء حوار جاد لحل الخلافات.

كانت الخارجية المصرية حريصة على التعامل مع الأزمة باعتبارها شأنا داخليا وطالبت جميع الأطراف الدولية والإقليمية باحترام سيادة السودان وعدم التدخل في الأزمة بشكل يؤدى إلى تأجيج الصراع.

لم تكتف مصر بالتحركات الدبلوماسية.. ولكنها تدخلت بشكل مباشر من خلال اتصال وزير الخارجية سامح شكري بأطراف الأزمة البرهاني وحميدتي من أجل التهدئة والدعوة للحوار. تحركت مصر مع الأشقاء في السعودية من أجل عقد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية.. وبالفعل انعقد الاجتماع على مستوى المندوبين الدائمين.. وطالب البيان الصادر عن الاجتماع بالوقف الفوري لكافة الاشتباكات المسلحة والعودة السريعة للمسار السلمي.

وجاء إعلان مصر تأييدها ودعمها لمباحثات جدة ليؤكد على الثوابت المصرية المتمثلة في ضرورة الحوار من أجل الخروج من الأزمة.. المباحثات الجارية في جدة والتي جمعت طرفي الصراع في لقاءات منفردة في المملكة العربية السعودية على الأقل تساهم في تثبيت الهدنة وفتح ممرات إنسانية لعمليات الإغاثة وتلك خطوة على طريق الحل ربما يعقبها الخطوة الأهم وهو نزع فتيل الأزمة وتسوية الخلافات.

وعلى الجانب الآخر واصلت مصر جهودها في نقل العالقين بالسودان سواء من المصريين أو الجنسيات الأخرى وهو ما قابله قادة الدول بالشكر والعرفان.

وإذا كان هذا هو الموقف الرسمي فإن الموقف الشعبي كان جليا تحركه روح العاطفة والأخوة.. فالشعب المصري يعتصر ألما لما يلاقيه الشعب السوداني من معاناة نتيجة الاقتتال الدائر.. المصريون على الحدود فتحوا أبوابهم لأشقائهم السودانيين واستقبلت مصر عشرات الآلاف من الفارين.. وقال الرئيس إن الأشقاء ضيوف وليسوا لاجئين.. وهذه هي مصر دائما.

في النهاية فإن مصر تؤكد مرارا وتكرارا أنها لا تألوا جهدا في الوقوف إلى جوار السودان في هذه المحنة الصعبة.. فمصر والسودان شعب واحد.. وقديما قال الزعيم مصطفى النحاس تقطع يدي ولا تفصل السودان عن مصر.. وهي مقولة تعبر بصدق عن وحدة وادي النيل.. فهي عقيدة وطنية لا تتزعزع عند المصريين.