أخيرًا.. انطلق الحوار الوطني.. وأخيرا وجدنا تقييما حقيقيا للوضع العام في مصر، واقتراحات لحل مشاكل مزمنة لها عشرات السنين.. قضايا أثيرت وكانت تثار منذ عقود ولم نجد من يتصدى لحلها، الكل تحدث في الافتتاح والدعم الذي لقيه افتتاح الحوار بكلمه من الرئيس عبد الفتاح السيسي وبحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء يشير إلى أن هناك جدية في الإصلاح.
ومما أكد لي الجدية الطرح الذي طرحه عمرو موسى بصفته رئيس لجنة الخمسين لصياغة دستور 2014 والدكتور حسام بدراوي مستشار الحوار الوطني الذي طرحا المشاكل بجدية وبقوة وبدبلوماسية وهي المشاكل التي لو كان أحد كتبها على مواقع التواصل الاجتماعي لوجهت له تهمة نشر اخبار كاذبه والانضمام إلى جماعة إرهابية تناهض الدستور.
نعم الطرح الذي طرحاه يحتاج إلى قوى سياسية وشعبية تساند الرغبة الموجودة لدى القيادة السياسية في التغيير، فالدولة الديمقراطية المدنية لها قواعد وشروط ومعايير متكاملة يجب الاخذ بها كلها لا يمكن أن نأخذ معيارا ونترك معيارا آخر أو نعتمد على قاعدة ونترك باقي القواعد.
فالنظام السياسي الذي طرحه الدكتور حسام بدراوي وهو النظام الرئاسي قد يكون مناسبا لمصر ولكن يجب أن يقوم على قواعد محددة منها اليات ديمقراطية لمحاسبة الرئيس في حالة خرقه للدستور واحترام المدة المنصوص عليها في تولى المنصب وهي مدتان ولا يجوز تعديل هذه المواد تحت أي ظرف من الظروف وخلق توازن حقيقي بين السلطات الثلاث بمعنى أن تكون الانتخابات التشريعية وفق قواعد ومعايير النزاهة والشفافية وتعبر عن إ رادة الشعب ووضع قيود قوية على الانفاق الانتخابي ورفع يد أي جهاز من اختيار المرشحين وفي النظام الرئاسي يجب تقوية الأحزاب السياسية بوقف تصدير الأزمات لها والتدخل في شئونها والتي يصل إلى اختيار قياداتها.
كما يجب أن يكون هناك استقلال حقيقي للسلطة القضائية وفق القواعد الدولية لاستقلال القضاء وهي القواعد التي اعتمدتها مصر منذ عقود وفصل سلطتي التحقيق عن الاتهام ووضع حد للحبس الاحتياطي، والتقليل من العقوبات السالبة للحرية واستبدالها بعقوبات الخدمة العامة.
وأي نظام رئاسي ديمقراطي يجب أن يكون هناك تعددية إعلامية حقيقية تعبر عن جميع الآراء وأن يكون لدينا إعلاميون وصحفيون يتمتعون بالشجاعة في مواجهة الأخطاء والأهم أن يتقبل المسئولون كبيرهم وصغيرهم حق النقد والخلاف في الرأي.
وأي نظام رئاسي يحتاج إلى أجهزة رقابية قوية تحارب الفساد بقوة وبعنف وألا يكون لديها خطوط حمراء في هذه الحرب ولديها كل الإمكانيات لمواجهة لوبي الفساد لأن الاستثمارات الأجنبية لا تأتي إلى بلد فيها أمران الاحتكار والفساد.
ما طرحه رئيس لجنة الخمسين ومستشار الحوار في افتتاح الحوار الوطني خارطة طريق للإصلاح في مصر وعلى المتحاورين أن يحولوا هذه الخريطة إلى خطوات تنفيذية بمواعيد وتوقيتات محددة لأن التغيير يجب أن يكون مدروسًا ووفق مخطط زمني واضح للجميع حتى لا تحدث حالة من فوضى الإصلاح المتعجل وأن يتم تقديم هذه الخطة للرئيس للبدء في تطبيقها.
فتطبيق ما طرحه سوف يواجه معارضة قوية من الفئات المستفيدة من الأوضاع الحالية وهو ما حذر منه الدكتور حسام بدراوي ولكن هناك فئة أخرى سوف ترفض الإصلاح لأن حججها في محاربة النظام سوف تسقط وسوف تشكك في أي إصلاح يتم إلا وهي جماعة الإخوان وأنصارها ولوبي الفساد الذي يعمل في ظل التكتم الإعلامي وسيطرة الصوت الواحد.. والإرهاب والفساد حليفان متلازمان ومترابطان لذا يكون الحذر منهما اهم من الهيئات التي أشار اليها الدكتور حسام بدراوي في مداخلته والذين سماهم دعاة السكون.. فتحية إلى عمرو موسى وحسام بدراوي على ما طرحاه فقد أغنيتمونا عن الكلام.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية