تُعرّف الدولة في مفهومها السياسي بأنها التنظيم الاجتماعي الذي يضمن أمنه ورعاياه، وتتكون أركانها من الإقليم الذي يشمل الحدود الطبيعية والحدود الفلكية والاصطناعية، والسلطة (تنفيذية وقضائية وتشريعية)، والاعتراف الدولي والتكيف والشعب الذي هو مجموعة الأفراد الذين يرغبون في العيش معًا، واعتقد أن آخر مكونين وهما التكيف والشعب تفتقدهما السودان أو بالأحرى فقدتهما بفعل فاعل من القوى الخارجية التي لها مصالح سواء داخل السودان أو في محيطها.
عاشت السودان تعاني من ويلات الاحتلال، لتخضع قبل الاستقلال في 1956 للحكم البريطاني، فالسودان طالما كان غنيًا بالموارد الطبيعية؛ الزراعية (بالأراض الخصبة)، والحيوانية، والمعدنية، والنباتية، والمائية، والاعتماد الرئيسي كان الزراعة، إذ هي 80% من نشاط السكان، ثم كان تعزيز اقتصادها بإنتاج النفط والتدفقات الكبيرة من الاستثمار الأجنبي المباشر لوجود مناجم الذهب والفضة والنحاس والزنك والحديد والكروم والمنجانيز والرخام وغيرها من المعادن فيما يقرب من 46% من مساحة السودان بالبحر الأحمر وشرق السودان وصحراء بويضة وجبال النوبة، وأماكن أخرى.
وما إن حصلت السودان عن استقلالها وحكمها الذاتي، لم تلبث طويلًا حتى طالتها نيران التمزق ومحاولات التشتيت والتفت، وتناحرت السودان وتناثرت إلى أشلاء كما حدث في شقيقاتها العربية من سوريا ولبنان وليبيا واليمن والعراق، وحروب العصابات، لتفقد ركنًا أصيلًا من أركان «الدولة» هو القدرة على العيش معًا، وأصبح للسودان مكونان عسكريان متمثل في القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع المتمردة، ومكون مدني متمثل في قوى الحرية والتغيير وبعض الحركات والفصائل المسلحة الأخرى.
على مدار السنوات القليلة الماضية وتحديدًا منذ عام 2019 باتت سياسة عدم الاتفاق هي السائدة والحاكمة في السودان وكان التقاسم هو من يدوي في السماء، إلى أن تطور الأمر إلى اشتعال فتيل الحرب بين المكونات العسكرية، ودون أن تخفى على أحد نوايا الدعم السريع التي تعمل كأداة لمخطط يستهدف لزيادة التقسيم السوداني واستكمال خارطة الحصار للهدف المنشود الذي فشلت في دحره بنشر الإرهاب تارة أو بمحاولة زعزعة أمنه الداخلي تارة، أو حتى من خلال ألوان الحروب المختلفة.
الخلاصة.. الحل في يد السودان ذاتها، بألا تترك للخارج ثقب إبرة يستطيع أن ينفد منه للداخل، الحل في يد السودان ذاته بأن يقف ضد مخططات التقسيم والضياع، الحل في يد السودان ذاته لدحر غباء السريع الذي يغيب عنه أنه أداة أو أطماعه ستكون سبب أن يُدهس في الرمال بعدما تطال القوى التي تنتظر سقوط السودان الطيب غرضها، ويكون المصير مصير الأشقاء الضائعين ويضيق الخناق على الهدف الذي لم ولن ينالوه أبدًا بإذن الله.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية