نون والقلم

عاطف الغمري يكتب: تصحيح صورة العرب والإسلام في الغرب

تزداد الحاجة الآن إلى دور عربي إسلامي منظم، وفق استراتيجية للتحرك بخطاب داخل ساحة المجتمع الأمريكي، لتغيير صورة سعت للترويج لها على طول السنين وسائل إعلام وصحف، ومؤلفات سياسية وأدبية، وأفلام هوليوود السينمائية، وكأنها تدق بمعزوفة واحدة لصورة مغلوطة عن الإنسان العربي. صحيح ظهرت أصوات أمريكية تحاول تغيير الصورة السلبية للعرب، لكن ما الذي تفعله في مواجهة ميراث متراكم لسنين طويلة.

ويكفي أن نعلم – وفق الإحصاءات الأمريكية– أن 2% فقط من الأمريكيين يعرفون ما هو الإسلام، وإن 46% ينظرون إلى العالم العربي والمسلمين نظرة سلبية، وإن كثافة حملات التشويه زادت منذ عام 2001.

ولنا أن نلاحظ أن إسرائيل رغم اعتمادها إعلامياً على ما تروجه القوى اليهودية الأمريكية وفي مقدمتها اللوبي اليهودي (الإيباك)، إلا أنها لم تكتف بذلك، بل عززته بنشاطات مكملة، بتنظيمها رحلات علاقات عامة منتظمة لخبراء إسرائيليين للحضور تباعاً إلى الولايات المتحدة، للتحدث في مراكز البحوث، وفي لقاءات مع المحررين والكتاب بالصحف، للترويج لوجهات نظر حكومة إسرائيل. فضلاً عن لقاءات في مؤتمرات في مختلف الولايات تنظمها تجمعات محلية. إضافة إلى وجود مركز إعلامي متخصص يعمل 24 ساعة يومياً.

وكلما علم أن مناقشة ستجرى في الكونغرس– مثلاً– حول الأزمة المستعصية بين إسرائيل والفلسطينيين، أو العلاقة مع الدول العربية عامة، فإنه يسارع بتجهيز مذكرة مختصرة في صفحتين، بحيث يتخذ منها عضو الكونغرس مادته عند التصويت على القرار المزمع إصداره.

ويتحدث الكاتب يوجين روجان في كتابه «العرب– والتاريخ» ويقول: «في العادة تكون هناك نظرة للعالم العربي على أنه ليس أكثر من ساحة للحروب، والفوضى السياسية، والتعصب ».

وتتناول الكاتبة مارشا هاملتون جانباً آخر من تلك الصورة في كتابها بعنوان: «صورة العرب في الثقافة الأمريكية». وتقول إن النظرة السلبية في العقل الأمريكي للعالم العربي، تقدمه في صورة عالم مملوءة بالاضطرابات الأهلية، والإرهاب، وتقلب أوضاعه. ويضيف إلى ذلك الكاتب جانيس تيريى في كتابه «الهوية المغلوطة»، إن النظرة السلبية للعرب وردت في عشرين كتاباً أمريكياً وإنجليزياً صدرت في وقت واحد.

ثم كان هناك الترويج الدرامي للمشاهد هناك، في أفلام هوليوود التي كثيراً ما قدمت العربي باعتباره الشخص الشرير، وكان هناك تحليل لحوالي ألف فيلم سينمائي أنتجت في الفترة من 1896– 2000، عن شخصيات عربية، قدمت في أغلبها صورة سلبية، إما على أنهم همجيون، أو قاطعو طريق، أو إرهابيون.

في قلب هذا الضجيج المصطنع بحرفية بالغة، كان هناك دور معاكس في بريطانيا ومخاطباً الغرب كله بما فيه الولايات المتحدة، وذلك حين أنشئ مركز الدراسات الإسلامية بجامعة أوكسفورد تحت رعاية الأمير تشارلز (ملك بريطانيا الآن)، وقام بدور بمشاركة شخصيات متبحرة في الإسلام، شاركوا بآرائهم في ندوات كثيرة منها في مراكز الفكر السياسي في الولايات المتحدة، ولم يقتصر دورهم على أوروبا وحدها.

وشاركت في تلك الجلسات شخصيات أمريكية مهمته بالدراسات عن الإسلام وعن العالم العربي، وكان منهم من يفند الموجات الإعلامية التي تصف عالمهم بأنه ساحة للاضطرابات، والانقلابات، والحروب الأهلية، والنزعات العرقية. وراحوا يوضحون بالمعلومات كيف أن تلك النظرة تختصر الحقيقة في جانب واحد، وتتجاهل الجانب الأهم عمن هم الذين كانوا وراء صنع الكثير من هذه الظواهر. وراحوا يشرحون بالوثائق والمعلومات دور دول في الغرب، في إشعال الحروب الأهلية، والنزاعات العرقية، والفوضى، والانقلابات، والتي كانت تتم وفق سياسة تغيير الأنظمة.

صحيح كان هناك من الحضور من حاول التخفيف من وقع هذه الحقائق، لكن صدق المعلومات التي قدمها خبراء مركز الدراسات الإسلامية، كانت أبلغ رد على ما سعى الكثيرون إلى ترسيخه في أذهان الأمريكيين.

إن الحملات المنظمة التي غرست في عقول أمريكيين كثر، صورة مشوهة عن العرب والإسلام، تحتاج إلى تحرك عربي جماعي وفق خطة استراتيجية منظمة، يتم الإعداد لها جيداً، وبمشاركة خبراء على دراية بالعقلية الأمريكية، ومعرفة بالساحات المفتوحة لعرض الرأي الآخر. طالما أن العرب والإسلام ذاته، كان ولسنوات طويلة هو الهدف الذي تصوب نحوه رصاصات التشويه.

نقلا عن صحيفة الخليج الإماراتية

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

Back to top button