بلا مبالغة هذه ليلة ليس كمثلها ليلة !صراحة وصدق “جمال اسعد” تجليا فيها ، كما تجليا في كتابة .صراحته حول نشاته الريفية الفقيرة ، بنفس عزيزة ، وكشفه لاسرار عديدة ، فهو عضو سابق بحزب التجمع ، وعضو سابق بحزب العمل الاسلامي ايضا، وانتقاده لكثير من ممارساته وخطابه الطائفي ، من جانب بعض رموزه تجاه الأقباط ، حيث ينظرون اليهم كمواطنين درجة تانية ، وبالتالي تنطبق عليهم مقولة المرشد الاخواني مصطفى مشهور “الاقباط عليهم أن يدفعوا الجزية وهم صاغرون”.
أيضًا عضويته في التجمع -جمدها مرة ثم استأنفها بعد خروجه من حزب العمل – لم تمنعه من نقده أيضا وتوجيه نفس الاتهام لبعض رموزه – فرغم تقديره الكبير لأستاذه المناضل خالد محيي الدين زعيم الحزب، وهو قد انضم اليه بتأثير منه ، الا انه لم يتخلى عن صراحته في نقد التجمع ، وغمز مثلا رئيسه السابق د.رفعت السعيد من قناة تعامله مع اقباط المهجر ، ففي مقابل هجوم حزب العمل على الاقباط ، اتجه رفعت السعيد -كما يقول جمال – لممالأة البابا شنودة ، والدفاع عن الكنيسة ،ماجعل اقباط المهجر يرسلون شيكات بالدولار دعما للحزب.
وكتب هو ضمن كتابه “أيامي شاهد على خمسة عصور” تفاصيل الشيك وقيمته البالغة 10 آلاف دولار ، وقال ان الأنبا توماس اسقف القوصية جلبه معه من اقباط المهجر لدي زيارته لاميركا ! يقول جمال اسعد نصًا :”لقد واجهت رفعت السعيد بواقعة الشيك ولم ينكرها” وأضاف: “الدكتور رفعت رفض نشر مقالاتي فى “الأهالي” ، لأنني كنت انتقد فيها تمثيل البابا للأقباط سياسيًا الكنيسة ، التي رأيتها تتعارض مع سلطة الدولة وتتجاوز سلطتها الروحية الى السلطة السياسية .وعلل ذلك بقوله لا يمكن أن اخسر الكنيسة بسبب مقالاتك”!
قداسة البابا شنودة والسياسي جمال اسعد قصة أذاع جمال بعض تفاصيلها من قبل في كتاب آخر ، لكن جاءت أيامه الجديدة لتثخن جراح القصة ، التي خمد أوراها مع مجيء البابا تواضروس ، الذي لم يفكر في زعامة سياسية للأقباط .
الجزار رضا أول أمي يحضر ندواته .. ومعلم الشاي يترك القهوة تغلى ويستمع للمثقفين
في ملتقى الشربيني الثقافي الذي استضاف جمال اسعد بحضور العديد من المبدعين من الشعراء والروائيين والنقاد وكبار الصحفيين ، – وحضره لاول مره جزار امي لايقرأ ولا يكتب وهو المعلم رضا الجزار.. كما تابعه باهتمام بالغ عامل الشاي والقهوة.. الذي كان ينسي كثيرا أنه وضعها على النار .. لمتابعة النقاش- قال جمال اسعد الكثير ، بدءا بفكرة كتابه ، موضحا انه لم يكن يعتقد أن لديه مايقوله ، لكن كثيرين ممن يعرفونه ألحوا عليه في كتابة تجربته ، لانها مفيدة للاجيال القادمة . وعن ذلك قال: تصفحت الكتاب للمرة الأولى اليوم . سالت نفسي بعد أن تصفحت الكتاب مرة اخري وسالت نفسي : انا كتبت كل ده ؟ ورأيت ان فيه مايفيد الاجيال القادمة بالفعل .
احببت البابا شنودة ولازمته طويلا ولكن تحوله لزعيم للأقباط جعلني اختلف معه واكتب منتقدا زعامته السياسية
وكشف انه “نشأت في بيئة متواضعة وليس لدي مايمكنني من تحقيق اي احلام ، لكني ادركت ان من يريد يستطيع وهذا ما تقوله تجربتي وايامي” . خمسة عصور عايشتها وكنت شاهدًا عليها ، عرفت البابا شنودة ولازمته ، أحببته وقدرته ، ولكني اختلفت معه في مسألة الزعامة السياسية للاقباط ، فدفعت الثمن الفادح انا واسرتي ، الاقباط غضبوا مني ، وازعجوا زوجتي بالتليفون بشكل لايوصف، ودعوا لعدم الزواج من بناتي ، وأفشلوا زواج ابني جون ، وحتي ابني شادي ناصبوه العداء ومع هذا لم اتخلى عن أفكاري أو مبادئي.
السلفيون والاخوان ايضا تعاملوا معي بانتهازية شديدة ، فهم وانما يريدون أن يستخدموني ويوظفوا اسمي لخدمتهم يعاملونني كالوردة في عروة الجاكيت ، وعندما تتصادم مصالحهم مع اسلوبي ، تجدهم يرفضون مثلا ان أتصدر القائمة الانتخابية في دائرتي رغم علمهم انني الأجدر بذلك وانه يتيح لهم الفوز بالمقعد لامحالة وأن شعبيتي الكبيرة ستجلب لهم الاصوات . لكنهم يقولون كيف يكون قبطى هو اول القائمة ؟وكيف لمسلم أن يليه في الترتيب ؟ ويتآمرون عليا لمنعي من الفوز ، وليسوا وحدهم ، حدث الكثير من الامور في التجربة ..فعندما ترشحت للانتخابات ووجدت من يقبل أن يكون الثاني في القائمة ثارت الدنيا وهاجت ودفعوا المرشح الثاني للانسحاب في اليوم الاخير. ولولا أنني رجوته ان لا يفعل ، على أن يبقي في بيته يوم الانتخابات ولايخرج ، ماتمكنت من النجاح ، ورغم فوزي فإن الحزب الوطني سرق مقعدي بقوانينه التي فصلها ترزيته على مقاسه!
هكذا الأقباط والكنيسة وحزب العمل الاسلامي( الاشتراكي سابقا )والاخوان والسلفيون والحزب الوطني وحتي التجمع لم يقفوا معي.. بل إنني عندما سجنت في احداث سبتمبر 1981لم يكن هناك حزب واحد يسأل عني .لم تصلني رسالة من احد ولا دعم ولازيارة ولا اي شيء!وهذا مجرد رصد لما جري ، وليس تعبيرا عن احساس الآن بالمرارة .هل يتخيل أحد أنني كنت عضوا باللجنة المركزية للتجمع مثلا ، وكان مقررا ان احضر بحكم صفتي هذه احد الاجتماعات السياسية المهمة ، لأفاجأ بان الكنيسة تشترط على التجمع طردي من الاجتماع؟
جمال اسعد قال ذلك في كتابة وكرره في ملتقى الشربيني وقال أنه دعي إلى ندوة في التجمع كان يحضرها شخصيات حزبية مرموقة ، وبينها ابو العز الحريري نائب التجمع المعروف ، وكان هناك موفد من الكنيسة ، فلما حضر المندوب ابلغ زعيم التجمع بأنه لن يحضر ندوة يحضرها جمال أسعد ! والذي حدث أنه دارت مفاوضات للبحث عن حل وسط !!لقد حرص ابو العزالحريري ونحن عضوان بالحزب على أن لايخسر دعم الكنيسة له في دائرته الانتخابية لذلك لم يرفض التهديد الذي ارسله البابا! الإمر الذي أشعر خالد محيي الدين بالضيق فغادر الاجتماع !وتساءل اسعد كيف يملي البابا شنودة قراراته على التجمع؟
نون – القاهرة
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية