رأي الجمهور واستيعابه للعمل الفني ليس لها قواعد، سوى الاقتراب من إحساسك، وصدق التناول، والابتعاد عن استعراض العضلات الإبداعية في غير مكانها.
وهذا بكل بساطة سر الخلطة في مسلسل كامل العدد؛ الذي كان من الممكن أن ينال قبل عرضه تقيما بالسلب لأن القصة معادة وسبق عرضها أكثر من مرة أخرها مسلسل بينا ميعاد، إلى جانب أن المسلسل يعرض ضمن زخم درامي كبير يشارك فيه كل نجوم الصف الأول من الدراما، ولم يحظ بحملة دعائية كما حصل للعديد من مسلسلات رمضان؛ التي هويت إلى قاع المشاهدة لتؤكد أن الدراما الجيدة تفرض نفسها دوما بلا دعاية.
«كامل العدد» مأخوذ عن فيلم عيال عيال المأخوذ في الأصل من فيلم Yours، Mine and Ours هو فيلم درامي كوميدي عائلي أمريكي صدر عام 1968 من إخراج ميلفيل شافيلسون وبطولة لوسيل بول وهنري فوندا وفان جونسون .
اللطيف أن كل هذه الأعمال مأخوذة من سيرة ذاتية لهيلين إيلين ردسلي. كانت أم لعائلة مختلطة مكونة من عشرين طفلاً – ثمانية من زواجها الأول من ريتشارد نورث، عشرة أبناء من زوجها الثاني فرانك بيردسلي، واثنان حصلت عليهما هي وفرانك أثناء زواجهما.
كتبت كتابًا، من يحصل على مضرب؟ حول تجارب عائلتها. وبالتالي من الممكن صناعة جزء ثاني من العمل؛ وربما يمكن الاستفادة من السيرة الذاتية في الخطوط الرئيسية للعمل .
ومسلسل «كامل العدد» جمع البطلة دينا الشربيني «ليلى» ولديها 4 أبناء، والبطل شريف سلامة «أحمد» ولديه 3 أبناء، ويلتقي هذا الثنائي بعضهم صدفة، ويقعان في الحب، ويقررا أن يواجها أبنائهما بأنهم سيتزوجا وسيعيشا في بيت واحد. والعمل عند هذا الحد ليس جديد، وبالتالي فرصة مشاهدته قليلة ولكن الحبكة الدرامية، وطزاجة الطرح، جعلته عمل تابعه الجميع، وأحدث حالة ترابط وجداني مع المشاهد، المتعطش إلى عمل يشببه، ويعيش معه تفاصيله.
الجميل أن توليفة الممثلين بمسلسل «كامل العدد» كانت متجانسة بداية من دينا الشربيني، شريف سلامة، آية سماحة، أحمد كمال، أحمد جمال سعيد، جيهان الشماشرجي عمرو جمال، والفنانة القديرة إسعاد يونس.
تبدو رشاقة وخفة دم طريقة التناول من يسر طاهر، رنا أبوالريش. أما المخرج خالد الحلفاوي فلقد وضع بصمته في تقديم مسلسل كوميدي اجتماعي رومانسي؛ أحب المشاهد كل واحد فيه وتعايش مع كل القصص التي طرحها وكأنها قصة رئيسية بالعمل، ويشعر بتلك التفصيلة من يشاهد الأعمال على الكمبيوتر ويتحكم في إلغاء المشاهد التي لا يجد نفسه مهتما بمعرفة تفاصيلها؛ وهذا حدث لي مع العديد من مسلسلات الحشو، التي تكون بها القصص الفرعية لملئ ساعات فقط.
لقد ارتبطنا بالعمل عندما علم كل منهما سر الآخر، لكنهما يقاومان في البداية انجذابهما المتبادل. وبمزيد من الإثارة والتشويق. تسرد أحداث ما حدث بين العديد من الشخصيات، وكيف أثر بشكل مباشر في حياة باقي الأفراد.
عاش المشاهد الأحداث التفصيلية لكل الأبطال وما ربط بينها من مواجهات ورومانسية من لحم ودم؛ وتلك طريقة رائعة لإضافة العمق ليس فقط لقصة ليلى وأحمد وأولادهما. ولكن أيضًا للشخصيات الأخرى من الخالة والجدود والأصدقاء. وهذا أعطى المزيد من الأرضية المتعلقة بربط المتفرج بالعمل وحكايات أبطاله المختلفة.
ونجح «كامل العدد» في إيجاد طرق جديدة بعيدة عن الكليشيهات الرومانسية المعتادة بأسلوب جذب الأضداد، فلا نحكم على المشهد من غلافه .
إننا أمام أكثر من زوجين وبغض النظر عن المخاطر أو الموقف أو المشهد الذي سنراه لهما بالتأكيد سيؤثر في الدراما وتتابع تطوره.
لأنه من الضروري للحبكة الأساسية لكل كوميديا رومانسية اللحظة التي تلتقي فيها الشخصيات، هذه هي الطريقة المسلية أو الذكية أو الساحرة أو الكارثية تمامًا التي يتم فيها تقديم الشخصيتين الرئيسيتين لبعضهما البعض.
نجح المسلسل في التوصل إلى تفاعل أصلي ليكون بمثابة بداية لقصة حبهما. بغض النظر عن آليات اللقاء اللطيف بينهما في الرحلة إلا أنه كان أحد أسباب تسلسل الأحداث بعد ذلك في انسيابية وجمال .
ورغم احتلال قصة ليلى وأحمد وأولادهما مركز الصدارة، ولكن كانت هناك شخصيات أهتم المشاهد بمعرفة تفاصيلها، بداية من الزوج السابق لليلى وزواجه من راقصة اعتزلت من أجلها.
وقصة الخالة التي اعتادت على تواجد الحبيب دون بذل أي اهتمام به؛ فكادت أن تفقده. والصديقة الواقعة تحت طائلة أنانية رجل كبير السن ومتزوج. أما الأجداد فقصصهم الجانبية كلها ممتعة، ومرسومة شخصيتهم بكل عناية ودقة؛ بل ولها تاريخ سردي في الدراما نعرفه من بين الأحداث يفسر تصرفاتهم.
وبالطبع وسط الكوميدية الممتلئ بها المسلسل هناك مشاهد التعقيد، والمواقف المزعجة، أو مجموعة من المخاطر المعقدة، بغض النظر عن التسمية، يجب أن يكون هناك شيء يدفع شخصيات المسلسل معًا ويفصلهم عن بعضهم البعض (بالمعنى الحرفي أو المجازي)، وهو الشيء الذي يضع علاقتهم على المحك.
وفي المسلسل الشخصيات الرئيسية تتعرف على بعضها البعض، بكل سلاسة ومنطقية وتقضي الكثير من الوقت معًا، بل وتقع في الحب مثل الجد تيمور. ومع استمرار الأحداث تتزايد الحبكة وتصبح الرهانات على الاستمتاع كبيرة.
الحبكة الدرامية للعمل كانت قادرة على قيادة العلاقات الجوهرية مباشرة فوق الهاوية وابتكار طريقة ما لتهرب الشخصيات الرئيسية من الحطام دون أن يصاب بأذى. ليست مهمة سهلة، لكنها مهمة للغاية في هذا العمل الكوميدي الرومانسي.
على الرغم من أن حكايات المسلسل تتخذ أشكالًا متنوعة، إلا أن كلها تصب في أنها كوميديا رومانسية تتطلب على الأقل لحظة كبيرة واحدة أو سطرًا ملحميًا من الحوار الذي يجعل الأحداث تجد طريقها نحو السعادة. ليؤكد المسلسل من خلال أحداثه أن السعادة الأبدية هي عنصر أساسي في جميع الكوميديا الرومانسية.
ولأن المخرج هو المسؤول الأول عن كل صغيرة وكبيرة، ويجب أن يتعامل بهذا الأساس. فلقد نجح خالد الحلفاوي بأخذ زمام المسؤولية، مقدما طرحا جديدا للفكرة بشكل خاص بها؛ إلى جانب أن المخرج حظي بفريق عمل ماهر.
وأهم ما ميز «كامل العدد» أن المشاعر كانت هي البوصلة والغاية في كل مشهد، بحيث لا يمكن إغفالها أو الاستهانة بها، فأصبحت هي التي تلمسنا وتحركنا على مستويات أبعد من الإبهار التقني والحرفي، ومن هنا يأتي التميز. والجميل أنها كانت مشاعر تخدم الشخصيات، فهي الدافع بالنسبة لهم. أو على الأقل هي طوق النجاة لهم في الوقت الذي لا يعرفون ما يجب فعله.
كامل العدد بمثابة تجربة شعورية وحسية وكوميدية من السهل تحديدها على أنها شيء مختلف عن الأعمال الأخرى. وساعدت العلاقات الجميلة التي تميز بين الأصحاب الحقيقيين في إضفاء الجمال على الحلقات. لقد استخدام خالد الحفناوي مواطن القوة والضعف في كل شخصية من أجل تحقيق ما يريده.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية