اخترنا لكدنيا ودين

أخلاقنا.. رضا هلال يكتب: الصيام فرصة لتحسين الأخلاق (12)

ثمة لطيفة من اللطائف السيارة، وهي نوع من الجدل المطلوب، المحمود، فهو جدل هادف سيصل بك حتما إلى مراده. ففحوى هذا الجدل هو هل العبادات ثمرة الأخلاق، أم أن الأخلاق هي ثمرة العبادات؟.

وحدث حوارات مطولة بين كل فريق، يريد أن يثبت سلامة رأيه، ومنطقية كلامه، وهو يعلم علم اليقين أن كلاهما فائز من هذا الحوار البناء الجيد.

وبداية فيجب أن نعلم أن طريق الإيمان ليس مفروشا بورود ورياحين، بل مليء بالأشواك والاختبارات والمحن والمصاعب، فكما قال المصطفى صل الله عليه وسلم «عَن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عَنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((حُفَّتِ الجَنَّةُ بالمَكارِه، وحُفَّتِ النَّارُ بالشَّهَواتِ».

ونظرة في سير المسلمين الأوائل نجد كلا النمطين، صاحب الأخلاق الرفيعة الذي قاده خلقه الحسن إلى الإسلام كعبدالرحمن بن أبي قحافة «أبو بكر الصديق» رضي الله عنه، الذي ذاع صيته بين قريش وقتها بطيب أخلاقه، وجوده وكرمه وسماحة نفسه، فاجتمعت لديه كل المحاسن التي قلما تجتمع في رجل من أهل الدنيا، فاختار الإسلام دينا لأنه يوافق خلقه وما نشأ عليه، وعلى الطرف الآخر كان النموذج الأبرز للعنف والفظاظة، وبث الرعب والهلع في قلوب الناس هو عمر بن الخطاب، مما  جعل الرسول صل الله عليه وسلم مرارا وتكرارا أن يدعوا الله ويلح في الدعاء بهداية أحد العمرين لينصر باحدهما دينه، فكان ابن الخطاب الذي بدأت قصة إسلامه بعنف مع اخته، وهي قصة مثيرة ليس هنا المجال لسردها، فبعدما لطمها وأدماها وهربت منه لأنها أسلمت لله رب العالمين، ولكنها كانت بداية الهداية، يقول الحق جل وعلا.. «إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَـمُ بِالْـمُهْتَدِينَ» من سورة القصص- آية (56)، تنطبق تماما على هذا الرجل في هذا الموقف.

وبعدها صار عمر الفاروق، وأبا بكر وكلنا يعلم مالهما في الإسلام من فضل وسبق.

ومن هنا فإن رمضان الذي يعد نفحة من نفحات الله لعباده يأتي الينا كل 11 شهرا ليمنحنا فرصة كبير، لنرجع إلى جنة ديننا الإسلامي وكلنا بين أبو بكر وعمر ولن يخرج أحد عنهما فحسن الخلق سيجد نفسه في ازهار وورود شهر رمضان والصيام، ويتقلب في جنته، ويتمتع برحيقه ونسيمه.

أما الذي ابتعد عن دينه بسبب ضغوطات الحياة أو البيئة التي تحيط به، أو غره الشيطان فإنني أؤكد له واثقا فيما عند الله أن الفرصة قد واتته، والباب قد فتح له، وجاء شهر الصيام ليمحوا عنه ما كان منه، ويبدل سيئاته حسنات، بل وسيضاعف له الحسنة إلى 700 ضعف وأكثر فالله يضاعف لمن يشاء، وكيف لا والله سبحانه جعل النافلة فيه كالفريضة فيما سواه.

فقد ورد في صحيح ابن خزيمة وغيره حديث طويل فيه: أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا، من تقرب فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى فيه سبعين فريضة فيما سواه.

وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يضاعَفُ لَهُ الحسنةُ بعشرِ أمثالِها إلى سَبعِمائةِ ضِعفٍ قالَ اللَّهُ سبحانَهُ إلّا الصَّومَ فإنَّهُ لي وأَنا أجزي بِهِ. الألباني (ت 1420)، صحيح ابن ماجه 3096. صحيح. أخرجه البخاري (1904)، ومسلم (1151).

وكما نعلم فإن المرء يدرك بحسن خلقه درجة الصّائم القائم، ويحرّم جسد صاحبه على النّار، لحديث عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ألا أخبركم بمن يحرم على النّار أو بمن تحرم عليه النّار: على كلّ قريب هيّن سهل حسن الخلق يصلح ما بين الإنسان وبين النّاس .

فالمسلم مهما يأتي من أبواب العبادات والقرب المحضة، من صلاة وصيام وذكر ودعاء، فهو لا ينفع إلا نفسه بذلك، ولا يشعر من حوله ولا يستفيد بنسكه شيئا، فإذا أثمرت هذه العبادات سلوكا من الرحمة واللين وخدمة إخوانه وقضاء مصالحهم والبشاشة في وجوههم شعروا بإسلامه.

وللحديث صلة غدا بمشيئة الله تعالى

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى