- أهم الأخباردوشة فنية

حنان أبو الضياء تكتب: مسلسل «ليلة السقوط» عندما دخل الشيطان الموصل

دوما كانت الدرما وسيطاً لكشف الخبايا، وسرد الحقائق برؤى إبداعية؛ وتناغمات بصرية لأحداث تغطيها بمزيد من المصداقية. وجاء مسلسل «ليلة السقوط» ليكون شاهدا على ما فعلته داعش في الموصل، وحالات المقاومة والصمود التي أدت إلى انزوائه وطرده من جميع معاقله. وجاءت المعالجة الدرامية للأحداث بالمسلسل ثرية؛ وساهمت في تعميق المامنا بكافة أبعاد الأزمة؛ متناولا تنظيم داعش ومسلطا الأضواء على ملابسات ظهوره وتفاصيل تمدده إيذانا بأفوله.

ليلة السقوط هو مسلسل دراما عراقي من إخراج ناجي طعمي وسيناريو وحوار مجدي صابر وبطولة طارق لطفي، باسم ياخور، صبا مبارك، كندة حنا، ميلاد يوسف وذو الفقار خضر. رصد المسلسل ووثق الانتهاكات التي اقترفها التنظيم ضد أهالي الموصل، ومحاولتهم طمس هوية المدينة. وكان موفقا في تقديم نماذج إنسانية متباينة ضحوا بحياتهم في سبيل القضاء عل همجية التنظيم.

وتتجلى قيمة المسلسل في قدرته على توصيل المجهود الذي بذله العراقيون بكافة أطيافهم لتطهير ثاني أكبر مدن العراق. ففي العام 2014 شن داعش هجوما استولى خلاله على مساحات شاسعة، تقدر بثلث مساحة العراق، لتتحول الكاميرا في المسلسل إلى شاهد عيان في قلب الحدث، ترصد وتوثق أطوار معركة ضارية حولت الموصل إلى أطلال.

واستطاع مجدي صابر تقديم إحاطة شاملة لملابسات ظهور داعش على والتداعيات السياسية والاجتماعي التي تمخضت عن ذلك، مستعينا بأحداث حقيقية جعلته يمكث في العراق فترة طويلة وكتب المسلسل في أكثر من عام

ليقدمه مجموعة مميزة من الممثلين طارق لطفي بدور عبد الله، باسم ياخور بدور قيس، صبا مبارك بدور جوانا، كندة حنا بدور كريستين، ميلاد يوسف بدور سمير وذو الفقار خضر بدور أبو السعد. مخرج سوري. أخرج العديد من المسلسلات التلفزيونية منها مسلسل بقعة ضوء في جزئيه الثالث والسابع وصبايا وغيرها. متزوج من الممثلة كندا حنا.

ومسلسل ليلة السقوط يعتبر هو العمل الأضخم إنتاجاً في الوطن العربي وهو من إنتاج شركة «بلا حدود» للإنتاج الفني والمنتج الدكتور قيس الرضواني و من إخراج المخرج السوري المتميز ناجي طعمي و اختارت الشركة الموسيقار المصري الكبير ياسر عبد الرحمن لوضع الموسيقى التصويرية للعمل.

ونجح المسلسل في خلق مشاهد الأكشن والمعارك و مشاهد تفجيرات، التي تتطلب مجهود مضاعف و تصويرها في أماكن عديدة تلائم المواقع التي حدثت بها.

تفرد طارق لطفي كالمعتاد في نقل تفاصيل الشخصية بلحية كثيفة، جلبابا عربيا بلون أسود. مجسدا شخصية أبو عبد الله و الملقب بالدباح، شخص قاسي القلب، بلا مشاعر مجرد آلة للقتل يسجن داخل احد المعتقلات ويحاول رشوة القاضي ليحكم ببراءته؛ لكنه يتلقى حكما بالإعدام شنقا، و ويلبس البدلة الحمراء؛ لذلك أول فعل يفعله هو الانتقام من العسكري سجانه والقبض علة القاضي المسيحي الذي حكم عليه.

الرائع في العمل هو خلط القصص الانسانية للبشر بمحاولات للجيش العراقي والبيشمركة في التصدي للإرهابيين؛ وتزايد حرب الشوارع بين الدواعش والأهالي، انتقاما لمقتل الداعئي أبي عبدالله الببلاوي، ازداد عدد الضحايا سواء من المدنيين والعسكريين، ونزوح جماعي من الموصل إلى أربيل، وآخرين عند الحدود الجنوبية للمدنية بهدف الهروب.

لذلك كان جميلا أن تقوم الدكتورة «جوانا» بتأجيل زفافها والمقام في منطقة «سنجار»، حتى تقوم بإنقاذ المصابين في المستشفى، خاصة وأنها الجراحة الوحيدة.

وأشار الصحفي الذي جسده باسم ياخور الى قدوم ابو بكر البغدادي في موكب دون أن تعترضه القوات الأمريكية التي تصور كل شيء وهذه إشارة ذكية من المؤلف للتأكيد أن أبو بكر البغداي صناعة أمريكية.

ويستعرض المسلسل لحظات حظر تجوال فرضت على القائمين في الموصل تفرضه داعش، لمنع السير في الشوارع، لينتاب الجميع حالة من الفزع والرعب والذعر لكل القائمين في المنطقة.

وأشار مسلسل «ليلة السقوط» الى عدد من العمليات الانتحارية الحقيقية التي يقوم بها الدواعش في إحدى الكمائن العسكرية، بهدف قتل أكبر عدد من العسكريين والتي يخططون لها أمام الدواعش الذي يجسد دوره الفنان أحمد صيام. وكانت احداها داخل السوق وهو امر كان يحدث شبه يومي في العراق؛ وهذا يدل على دقة نقل ما حدث وتوثيقه دراميا.

وحتى يحافظ المسلسل على تدفقه وآثارته؛ طرح أقصوصة جانبية لمشاعر مختلطة من الحب تبدأ ثمارها في التوهج بين «الذباح»، والدكتورة «جوانا»، بعد لقائهما في المستشفى. تضافر ذلك مع الاحتلال الكامل لمدينة الموصل من الدواعش، الذين يبدؤون توزيع الثروات، وسبى وذبح السيدات، ومرحلة جديدة يبدأها الإمام أبو الوليد، والذي يكلفه عبدالله البغدادي أمير الدواعش في الموصل بمحاكمة كل الخارجين على دولة والخلافة.

وأستطاع المخرج ترسيخ اعتماد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق على أسلوب حرب الغوار؛ وتحويل المجموعات الصغيرة إلى خلايا مقاتلة بينما وزعت الأسلحة والمتفجرات على كل المناطق .

الاشارة الى ما عانه المسيحيون في العراق تجلت من خلال شخصية القاضي «الياس» والذي جسد دوره النجم العراقي جواد الشكرجي، الذى تعرض لاقتحام منزله ويدمر كل ما به من تماثيل، وآلات موسيقية، والقبض عليه، ليأخذ بثأره منه . ثم جلده وإقناعه على اعتناق فكر التنظيم الداعشي.

الأحداث تتوالى لتتمحور كلها على معاناة الموصل وأهلها من الدواعش بكل انواع القسوة من سبى للنساء وقتل واضطهاد للمسيحين .

المسلسل قدم صور واضحة المعالم لقوات البشمركة الكردية بشمال العراق التي تقاتل «داعش» بشراسة منذ إقدام التنظيم على مهاجمة كردستان العراق، أي حتى قبل البدء في تشكيل التحالف الدولي أو انطلاق الغارات الجوية ضد معاقل التنظيم ومن هم على شاكلته.

عبر حرب برية، تتجلى قوات البشمركة الكردية، تعلو أسهم قوات البشمركة الكردية العراقية، خاصة أن الجميع يعلم أن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، أعطى الأوامر لقوات البشمركة للانتقال بكامل عناصرها وأحدث عتادها، من وضع الدفاع إلى الهجوم ضد مقاتلي داعش .

ليلة السقوط هذا العمل الفني القوي والذي لا يمكن إنكار أهمية ما قدمه من عمليات الاغتصاب والقتل الجماعي التي ارتكبتها داعش ومع ذلك يسير المسلسل على خط رفيع بين الحرب الفظيعة والمبالغة في الوعظ. وأحيانًا لجأ إلى الاختزال لتجاوز المواقف السياسية أو الأيديولوجية المعقدة.

لقد نجح المخرج في هيكلة الدراما مقدما عملا أكثر إقناعًا في استعادته لوحشية مسرح الحرب العرضي؛ واستمرار المقاومة وعدم اليأس.

وبحلول هذا الوقت، كانت الحرب في العراق قد اتخذت منعطفا صعبا، حيث كان الجميع يواجهون تحديا قاسيا في العراق، تم تصوير الدواعش كأشخاص مضطربين ولديهم قدرة كبيرة على اقتراف العنف. كشخصيات شيطانية، ليست لديها صفات إيجابية.

للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى