دنيا ودين

أخلاقنا.. رضا هلال يكتب: الصيام علاج نفسي (5)

شعور عجيب ينتاب الصائم، فهو شعور مزيج بين الطمأنينة والراحة النفسية، والجسدية، فضلا عن الروحانية التي تجعله ساميا، مشرئبا معتزا بنفسه من غير كبر، وكيف لا وهو في حوزة الرحمن وحياضه، فالصوم له وهو يجزي به كما وعد.

والصوم له أسرار عجيبة في نفس المسلم، تجعله يعيش حالة مختلفة وخصوصا في رمضان دون غيره. وأعجبني في هذا الشأن ما ذهب إليه باحث متخصص في العلوم الشرعية صالح الغانم بأن عبادة الصيام تثمر في نفس الصائم ثمرات رائعة يجد أثرها في سلوكه ونظرته للحياة الدنيا عموما.

وكذلك وافق المعني الدكتور خالد النجار بأن للصيام فوائد نفسية كثيرة، فالصائم يشعر بالطمأنينة والراحة النفسية والفكرية ويحاول الابتعاد عما يعكر صفو الصيام من محرمات ومنغصات ويحافظ على ضوابط السلوك الجيدة مما ينعكس إيجابا على المجتمع.

والمتأمل في هذه الفريضة والقائم عليها بحقها يجده كما ذكرنا بالأمس من أنه جامعة شاملة يعالج كل التخصصات التي يحتاجها الجسم، وبحق فهو مدرسة شاملة لأنواع العلوم العملية والسلوكية، فالصبر من أعظم الأخلاق التي يتعودها الصائم عندما يتحكم في شهوته للطعام والشراب والجنس ويتغلب على رغبات الجسد، كما أنه يتعلم المواساة والشعور بمعاناة أهل الفقر والعوز.

كما أن من أعظم الفوائد التي تعود على الصائم من صيامه التخلص من أمراض الكبر والغرور، وقهر النفس الأمارة بالسوء عن مشاتمة أهل الأخلاق الرديئة، وعن اللغو وعن الكلام الساقط كذلك، فهو من أرفع الخلق النبيل، فضلا عن تعميق المراقبة لله تعالى باعتبار ذلك أهم ركن من أركان الصيام، وأهم سر من أسراره، فهو عبادة خفية لا يعلم صدقها إلا الله تعالى، الذي يتحلى به الصائم ألم يقل المصطفى صل الله عليه وسلم: فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم.

وتأكيدا لهذه السلامة النفسية والروحية والإيقاظ الكبير للضمائر، فإنه وبشكل عام يلاحظ بوضوح انخفاض شديد في ارتكاب الجرائم، والمشاجرات وعلو الأصوات في الشوارع بالسباب، والشتم.

وقد أثبتت دراسات عديدة انخفاض نسبة الجريمة بوضوح في البلاد الإسلامية عموما ومصر على وجه الخصوص خلال شهر رمضان المبارك والكريم.

إن شهر الصوم المبارك يزيد من قوة الإنسان وقدرته على التغلب على الشهوات.. فالصيام ليس فقط امتناعا عن الطعام والشراب.. ولكنه قبل ذلك امتناع عن العدوان والشهوات وميول الشر عند كل البشر أيا كانت ديانتهم.

فالصيام موجود في كل الأديان، وكل الأديان تقره كفرض من الفرائض الأساسية لبناء هيكل الدين، فهو أحد قواعده الثابتة، لأن في الصيام تعزيزا وتقوية لمستوى الإيمان في القلب.

صحيح تختلف نوعية الصيام بين الأديان السماوية المعروفة، (الإسلام والنصرانية واليهودية) وإن كانت جميعا في جوهرها تعود إلى المنبع الواحد والدين الأوحد هو الإسلام، وما دونه شرائع سماوية، ولكننا نقرر في النهاية ونؤكد أن الصوم يهب الإنسان سكينة وهدوءً وأيضا الخشوع والتغلب على الملذات، والالتجاء إلى الله تعالى في كل شيء تسليما وإيمانا واحتسابا.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى