دنيا ودين

أخلاقنا.. رضا هلال يكتب: الصيام تزكية وتنقية للمسلم من الرذائل (3)

أكبر وأعظم مدرسة لتزكية النفس، وتهذيب سلوك المسلم هو الصوم، فهو يعلم الإنسان المسلم الملتزم بأمور دينه معان سامية، ويترك فيه أثرا أخلاقيا باقيا أبدا، من مثل الاستغناء والترك والتعفف، وضبط النفس.

فالطبيعة البشرية غالبة لا محالة، ولكن أن يحاول ضبطها بالمنع عن علائق الحياة الدنيا صوما، وهو ما يعني في أبسط معانيه المنع عن شهوتي البطن والفرج، مشفوعا بعفة اللسان، وتحمل رزايا البشر، ومصاعب الحياة، فإن ذلك يكون أعلى مراتب السمو النفسي والروحي.

فالصوم طهارة للروح والجسد على السواء، كما أنه ارتقاء بقيم وأخلاقيات يندر أن يتعلمها الإنسان في مدرسة غير مدرسة الصيام، فكما قال المصطفى صل الله عليه وسلم.. من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه.. أي أن المسلم إذا لم يقلع عن فحش الكلام، وسيء الألفاظ من شتم وسب، واعتداء على الناس قولا أو فعلا، فإن الله غني تماما عن تجويع العبد نفسه بحرمانه من طعامه وشرابه.

فتنقية النفس من الرذائل هو من أهم وأولى المقاصد التي يستهدفها الصيام.

فإن شاتمك أحد أو أساء إليك فما عليك إلا أن ترد عليه كما أمرنا رسول الله صل الله عليه وسلم الذي بعثه الله متمما لمكارم الأخلاق.. إني صائم.. إني صائم.. أي أن صومي يمنعني من الانزلاق في تلك الهوة أو إلى ذلك المستنقع، فإني محصن بصومي لله، مترفعا عن الرد.

فقد حدد الله الهدف من فريضة الصيام هو «لعلكم تتقون».. والتقوى من خصائصها كتم الغيظ والعفو عمن أساء إليك، فإن كتمت غيظك عمن ظلمك، وارتقيت بالعفو عنه فتكون بذلك قد حققت مراد الله فيك من الصوم تحديدا، والذي أسند الله سبحانه وتعالى الجزاء عليه إلى نفسه، فإن كان الصوم علي الهيئة التي أمر الله بها، متحققا فيه الشروط المطلوبة من صوم الجوارح والروح، بأركانه الظاهرية والباطنية، فكلاهما يتكامل، فلا ينفك أحدهما عن الآخر، ولا يمكن قبول صوم الجوارح بمعزل عن صوم اللسان، وسلامة القلب والعين والأذن.. فكل ذلك لابد أن يصوم لتحصل على الوعد «إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به».

فالصوم لم يكن مبررا في يوم من الأيام أو زمن من الأزمنة للتقصير في واجب أو الإبطاء في عمل، أو الابتعاد عن فضيلة، فهو لن يكون مبررا أبدا لاقتراف خطيئة أو ارتكاب حماقة، فكل ذلك يبعدك عن مراد الصيام، فكلما ارتكبت خطأ، كلما ابتعدت بقدره عن الصوم الذي يريده الله من عبده ليكون تحت مظلة «إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، فهنيئا لمن صام قلبا وقالبا، شكلا ومضمونا، للفوز بمعية الله، وبباب الريان يوم العرض علي الرحمن.

وللحديث صلة غدا إن شاء الله تعالى.

redahelal@gmail.com

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى