البيت هو الأساس، لأنه البداية، فيه تبنى الهوية، وتتشكل الشخصية، ومنه يكون الانطلاق نحو الحياة.
قبل المدرسة، وقبل الأصدقاء، وقبل الكتب والأفلام والقصص والروايات، قبل كل ذلك، يكون الأب معلماً، وتكون الأم حاضنة، ويكون البيت منهلاً.
إذا صلح البيت، صلح الابن، وانتقل بعدها إلى عالم رحب، فيه تنوع واختلاف وثقافات ولغات وعادات وتقاليد، وأخلاق منبثقة من فكر آخر، ومن مجتمعات قد لا تشبه مجتمعاتنا.
في البيت يكون الحرف هو القاعدة، وهي فخر الأسرة، ونقطة الاطمئنان على رحلة طويلة في مجاهل غير معلومة، فيكون ذلك الحرف، وتلك اللغة التي تعلمها الابن هي الحصن الذي يحتمي به.
الهوية تبدأ من البيت، هناك تتشكل، وهناك تحفر في القلب والعقل، وأول بنود الهوية اللغة العربية، لغة الضاد، وليس أي لغة أخرى، حتى لو كانت الإنجليزية، التي يقال إنها لغة العلم والعالم، ولا اعتراض لدينا على ذلك، لتكن كذلك، لكنها لا يمكن أن تكون بديلاً، أبداً، قالها كل من يفتخرون بلغاتهم، ورفضوا التنازل عن موروثهم التاريخي الذي شكل هويتهم، ونحن قد نكون الأولى لأن نحافظ على لغتنا، فهي اللغة العربية، لغة العرب، ولا خير في قوم لا يتحدثون بلغتهم، فنحن مترابطون، الأصل والمكان والإنسان، اللغة هي الرابط بينهم، وبدونها لا نستحق الصفة التي نحملها.
تصدمنا مواقف نعيشها كل يوم، في بيت يتفاخر بأن أطفاله يتحدثون بلغة أجنبية، وفي موقع عمل يتخاطب العربي مع العربية باللغة الإنجليزية، وفي محطة تلفزيون يصر المذيع على أنه صاحب ثقافة أجنبية، يستخدم مفردات ليميز نفسه، حتى في عنوان برنامجه، وفي مراسلات رسمية تخاطب الناس بلغة إنجليزية، والناس هنا لغتهم العربية، وهناك قرارات وأوامر عليا واضحة تعتبر تلك المراسلات مخالفة للقانون، ومع ذلك يصر البعض على المخالفة.
البيت ثم البيت، فيه تتخرج الأجيال، وليس في المدارس والجامعات، فتلك تعطي شهادات، ولا تبني هوية وطنية.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية