مع بداية القرن الجديد بدأ الحديث عن الصحافة الرقمية والإعلام الجديد الذي بدأت جذوره أو ملامحه تتشكل.. وظهر وقتها ما يعرف بصحافة المواطن والمدونات وغيرها.. كان إيماني بالصحافة المطبوعة إيمانا لا يلين ولا يتزعزع وكنت أقاوم أي حديث عن التغيير، وردت مقولة أستاذي وأستاذ الصحافة في الوطن العربي المرحوم مصطفى شردي.. حبيبة القلب عطرها حبر وورق.. كنت في خندق المدافعين عن الصحافة المطبوعة وقلت من المستحيل أن تنتهي أو تتزحزح قيد أنملة.
مع التطور السريع قمت بزيارة إلى المؤسسات الصحفية البريطانية، وكان ذلك نهاية عام 2012 وتحديدا في منتصف نوفمبر.. وكنا وقتها نستعد لإصدار صحيفة «الحياة اليوم».. صحيفة يومية سياسية شاملة لتنضم إلى شبكة تليفزيون الحياة لتكتمل المنظومة بشبكة تليفزيونية وصحيفة مطبوعة وموقع إلكتروني.
قمت بزيارة بي بي سي والجارديان والديلي ميل وديلي تليجراف والإندبندنت، للتعرف على مستقبل الصحافة والإعلام، وإلى أين نحن ذاهبون في ظل هذا التطور السريع حتى أبدأ تجربة «الحياة اليوم» من حيث انتهى الآخرون.. وهناك قال لي مدير تحرير الجارديان وقتها، لا أنصحك بإصدار صحيفة مطبوعة، لأن الصحافة المطبوعة ستنتهي بعد عشر سنوات.
وبالفعل تغير كل شيء قبل مرور السنوات التي حددها الرجل.. كادت أن تتوقف المطابع، وتراجعت أرقام الطباعة والتوزيع في كل صحف العالم.. واختفى باعة الصحف من الوجود.. ليس هذا فحسب بل وصل الأمر إلى اختفاء صحف عريقة وطغيان الصحافة الإلكترونية بقوة.
بعد سقوط القناعات القديمة وإيماني بالصحافة الإلكترونية ودخولي رحلة التحول.. ظهرت اليوم نظريات جديدة وإعلام جديد بدأ يتشكل بقوة.. بعد عشر سنوات من رحلتي إلى المؤسسات الصحفية البريطانية، ظهر إعلام المنصات وصحافة الروبوت.. بعد مرور عشر سنوات فوجئت بحدث آخر يدق ناقوس الخطر ويتحدث عن إعلام جديد.. وهو المنتدى السعودي للإعلام الذي انعقد هذا الأسبوع بالعاصمة السعودية الرياض بمشاركة 1500 صحفي من مختلف أنحاء العالم.
تحدث رموز الصحافة والإعلام عن التطورات المستقبلية، وكان أكثر ما لفت انتباهي ما قاله الكاتب الكبير سمير عطا الله، من وجود الكثير من المعطيات لأساليب وأدوات الإعلام الجديد، وأعرب عن أمله في أن يتحول العالم العربي إلى مشارك في العصر الرقمي.. ووصف غسان شربل، رئيس تحرير الشرق الأوسط التكنولوجيا، بأنها نعمة لا نقمة وطالب الصحفيين بالاستفادة منها للوصول إلى قمم النجاح.. ورصد الدكتور فهد آل عقران، رئيس تحرير وكالة الأنباء السعودية، ما أحدثته وسائل التواصل في الإعلام، وقال، إنها أسقطت الحواجز وأنهت احتكار 4 وكالات عالمية للأخبار، وقال إن مستقبل الوكالات في العالم العربي مزدهر بشرط إجراء شراكات ومواكبة التغيرات التي تحدث.
ولخص محمد بن فهد الحارثي، الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتليفزيون السعودية، المشهد قائلا: عالم اليوم إما أن نبادر أو نغادر.
نعم إما أن نتطور ونواكب التقدم المذهل والإعلام الجديد الذي بدأ يتشكل.. وإما أن نغادر.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية