نون والقلم

إيهاب زغلول يكتب: عندما تغيب الرحمة بين الناس!!

لماذا أصبحنا غرباء في مجتمعنا.. وما سر ضياع الشفقة من قلوبنا.. لماذا كل هذه القسوة في التعامل مع بعضنا البعض، لماذا لا نلتمس بيننا الأعذار، لماذا نترك أذننا لطرف من الناس ونطمس الطرف الأخر رغم أننا ندرك من داخلنا أن هناك تجني عليه. لكن دائما ما نغالط أنفسنا ونظلم الناس رغم أننا نعلم «أن الظلم ظلمات يوم القيامة»، غابت الرحمة وغاب غفراننا لبعضنا، فاكتست الحياة بلون الظلمة.. وذهبت راحة البال بين الفعل ورد الفعل.

قيل في الأثر: إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره، فالتمس له عذرًا واحدًا إلى سبعين عذرًا، فإن أصبته، وإلا، قل: لعل له عذرًا لا أعرفه، ليتنا نلتمس الأعذار للناس، ليتنا نحترم مشاعر بعضنا، ليتنا نقدر بعضنا بعضا، ليتنا نرحم بعضنا بعضا، فالراحمون يرحمهم الرحمن، فاللهم ارحمنا بين خلقك ويوم العرض عليك.

يقول فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، «إنَّ الرحمة والتراحم من أبرز الصفات الخُلقية التي أمرنا الشرع بالتحلي بها؛ لضمان حياة إنسانية كريمة وتعميق الشعور بالمحبة والمودة وتحقيق عمارة الأرض، مؤكدًا أن غياب الرحمة عامل أساسي في تحويل حياة الناس إلى ما يشبه الفوضى ويؤدي إلى التفكك الأسري والاجتماعي، ويثير نوازع الشر في النفوس، ويشعل الحروب، وينشر التسلط على البلاد والعباد ».

للأسف تكالبت علينا مساوئ الحياة لأننا أهملنا الرحمة بيننا نتصارع على الانتقام وازلال الآخر ونهمل أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي علم الإنسانية كيف تكون الرحمة بين الناس فمدحه الله تعالى مدحا عظيما «ولو كنت فظا غليظ القلب لنفضوا من حولك» وزاد «فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر».

أين نحن من تلك الأخلاق الرفيعة هل حدث في حياتنا أصعب من مواقف قريش وما فعلته من جرائم وموبقات ووحشية في حق رسول الله وصحابته الكرام وحينما مكنه الله منهم.. لم ينتقم ولم يروعهم لكنه اقتص منهم بسيف الإنسانية والمروءة والشهامة والعفو عند المقدرة، قال: «يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم»، قالوا: خيراً. أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: صلى الله عليه وآله وسلم «اذهبوا فأنتم الطلقاء».

فأين نحن من أخلاق رسول الله، نعم ما أجمل التسامح ومد يد العون للآخر ما أجمل أن نعيش لحظات من المحبة والسلام بيننا ماذا سنأخذ من المخاصمة والمشاحنة والانتقام والفعل ورد الفعل .

فالدنيا مجرد لحظات نضيعها في أمور تافهة وتعصب ممقوت، لماذا لا تبتسم الوجوه لبعضها «فمن عفا وأصلح فأجره على الله» «وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ».

ليتنا نتعلم أن التسامح قوة وأن المتسامحين أكثر الناس قوة وبأس لأنهم دائما وأبدا يتغلبون على شر النفس الموحشة قريبين إلى الله بقلوبهم البيضاء النقية.

فما أسهل ضروب الشر وما أصعب مسالك الخير!! ليتنا نرحم بعضنا بعضا فيرحمنا من خلق الأرض السماء!!!

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى