قديما قالوا «إن أردت أن تموت قضية شكل لها لجنة».. واللجان في العرف البيروقراطي تهدف دائما إلى مد زمن الموضوع المراد بحثه أو الانهاء عليه بدون إيجاد حل له ويتم الرهان على نسيانه مع مرور الوقت.
هذا ما فعله المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في قضية التجاوزات في البرامج الرياضية وما صدر منها في الفترة الأخيرة انفلات وصلت إلى حد الاقتتال الإعلامي والاساءات امتدت لكل شخص يريد وقف هذه المهزلة.
والحقيقة أن الإعلاميين والصحفيين والجمهور كان يتوقع قرارات حاسمة من المجلس الأعلى للإعلام لوقف هذه الحالة التي عادت بقوة بعد أن نجح المجلس بتشكيله الأول في وقفها عندما فعل لجنتي الرصد الإعلامي والشكاوى.
وكنت أتوقع شخصيا البت في الشكاوى المقدمة من جميع الأطراف حول الأداء الإعلامي الرياضي وأن يتم إعلان عن ما تم في هذه الشكاوى خصوصا أنها مقدمة من مؤسسات وشخصيات لها ثقل رياضي واجتماعي وكان الأولى بالمجلس أن يعلن قراراته في هذه الشكاوى وهل هي من اختصاصه النظر فيها أم يحيلها إلى جهات الاختصاص الأخرى.
ولكن المجلس خرج علينا ببيان فيه تهديد ووعيد لما سيحدث وشكل لجنة من أطراف عدة لتضع قواعد اخلاقية للتناول الإعلامي في القضايا الرياضية وألقى المجلس بالكرة في ملاعب هذه الجهات رغم أن ميثاق الشرف الصحفي وميثاق الشرف الإعلامي يغطى كل هذه الجوانب فنحن لا حاجة لنا بأكواد أخلاقية جديدة تحولت إلى ما يشبه القيود على الممارسة الإعلامية السليمة.
فمواثيق الشرف المهنية الموجودة من عشرات السنين كفيلة بإنهاء أي خروج عن القواعد الأخلاقية في أي مجال مهما كان ولكن تحتاج إلى إرادة حقيقية لتطبيقها وتنفيذها سواء من نقابتي الصحفيين والإعلاميين أو حتى من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وحتى قانون المجلس به مواد تتحدث عن واجبات الصحفي والإعلامي، وبالتالي يمكن من خلالها محاسبة أي فرد في المنظومة يخرج عنها.
فكثرة الأكواد الأخلاقية لا تحل مشكلة ولا تجد من يتابع تطبيقها ولا توجد جهة ترصد هذه الخروقات حتى تعلن عنها وتشير اليها سواء في المجلس الأعلى للإعلام أو في النقابتين المهنيتين.
فقضية الإعلام الرياضي وما شهده الفترة الماضية من كوارث مهنية كشف لنا حجم المأساة التي يشهدها الإعلام المصري وعدم قدرة الجهات المسئولة عنه عن ضبط المشهد بل يوجد تراخ في القيام بأدوارها القانونية قبل الأخلاقية وسبق أن حذرنا أن جميع من يرتكب هذه الجرائم ليسوا إعلاميين مؤهلين ولكنهم مجموعة من الأشخاص وجدوا أنفسهم أمام قنوات فضائية تبيع لهم الهواء بمبالغ مالية فيخرجون في برامجهم المدفوعة كل يوم يبثون سمومهم ومعلومات مغلوطة ونشر الشائعات وتشويه سمعة الآخرين وابتزاز المعلنين.
وطالبت مرارا من المجلس الأعلى للإعلام التصدي لهذه الظاهرة المقيتة التي جعلت من يطلقون على أنفسهم إعلاميين عشرات الألوف ولا تعرف من أين حصلوا على هذا اللقب كل ما في الأمر أنه أشترى هواء لتقديم برنامج في قناة من قنوات بير السلم.
فقضية الإعلام الرياضي جزء من كل وهي أزمة الإعلام ككل وتحتاج إلى حسم في التعامل مع التجاوزات وسرعة في اتخاذ القرار حتى يرتدع الجميع الكبير قبل الصغير وسرعة الاستجابة للشكاوى المقدمة لكن التراخي وتشكيل اللجان سوف يسكن الأمور لبعض الوقت وستعود ريمة لعادتها القديمة مرة أخرى.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية