ناقش مجلس الشيوخ هذا الأسبوع ظاهرة العنف الأسري من شتى جوانبها، سواء كانت أسبابها وآثارها وأيضا سبل المواجهة من خلال الدراسة التي قدمتها لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي، برئاسة النائب محمد هيبة، وهي دراسة وافية عن هذه الظاهرة التي تسربت إلى المجتمع المصري خلال السنوات الأخيرة، وتركت آثارًا سلبية لم يعرفها المجتمع من قبل.
وفي اعتقادي أن بعض الحوادث التي شهدها المجتمع المصري خلال الأعوام القليلة الماضية، وهزت مشاعر عامة المصريين بسبب فجاجتها، ليست دليلا على العنف الأسري الذي تسرب إلى المجتمع المصري فحسب وإنما دليل أيضا على التفكك الأسري الذي تعاني منه شرائح كثيرة.
وإذا كان مجلس الشيوخ قد طرح هذه القضية الهامة للنقاش على مدار يومين كاملين، وفي حضور عدد من الوزراء المعنيين، وانتهى إلى التوصية بسن تشريع لتجريم العنف الأسرى أسوة بعدد من الدول اقليميا ودوليًا، وإنشاء منظمة مصرية لتعزيز تماسك الأسرة المصرية ونبذ العنف بشتى صوره والعودة إلى القيم المصرية الأصيلة.
الحقيقة أن المجتمع المصري كان يتمتع بقوة وصلابة وهوية مصرية خالصة، تتحطم على صخرتها كل الثقافات الوافدة والأجنبية، ويؤثر في محيطه العربي والاقليمي منذ أكثر من قرن من الزمان.
وللأسف فقد هذه الميزة منذ عدة عقود وبات يتأثر ببعض الثقافات الخارجية، وهي نتاج للأوضاع الاقتصادية التي أدت إلى تراجعات على مستويات عدة، وكان لها نتائج اجتماعية سلبية مثل ظاهرة العشوائيات التي شكلت بيئة خصبة للجماعات المتطرفة، وتشكيل الخلايا الإرهابية والإجرامية، وأيضا ظاهرة الهجرة الشرعية وغير الشرعية، والعودة بثقافات جديدة وغريبة على المجتمع، وأيضا ضغوط بعض الدول المانحة لعمل منظماتها داخل المجتمع المصري، ونشر ثقافتها وأهدافها وقيمها الغربية التي تختلف مع القيم المصرية وأحيانًا تتعارض معها، ومؤخرًا ساهمت ثورة الاتصالات في الغزو الثقافي الخارجي، وباتت السوشيال ميديا والألعاب الإلكترونية وغيرها، تشكل أخطر الوسائل على هذا المجتمع.
وللأسف الشديد توجد ألعاب إلكترونية يتم تصنيعها في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول المتقدمة، وتحظر بيعها وتداولها داخل الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا؛ نظرا لخطورتها الشديدة على المجتمع، ويتم بيعها وتداولها في السوق المصري، وتجذب شريحة كبيرة من الصبية والشباب على البلايستشن وفي نوادي الفيديو المنتشرة في الأقاليم والمناطق الشعبية، وهي واحدة من أخطر وسائل نشر الجريمة والعنف في المجتمع.
صحيح أن مجلس الشيوخ استمع إلى ردود من نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، ومحمد مختار جمعة وزير الأوقاف، ومشيرة خطاب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، حول الجهود المبذولة لمواجهة الظاهرة، وانتهى الأمر بإحالة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المجلس هذه الدراسة إلى رئيس الجمهورية بهدف سن تشريع لتجريم الظاهرة.
إلا أن التحولات السريعة التي حدثت في المجتمع في السنوات الأخيرة تحتاج إلى تضافر مجتمعي شامل، على اعتبار أن بعض التشريعات تعجز أمام الظواهر الاجتماعية الكبرى، ما يحتاج إلى تضافر كل جهود الدولة وعمل مؤسسي يبدأ بإعادة النظر في النظام التعليمي وعودة المناهج التعليمية إلى تربية النشء، وغرس القيم المصرية النبيلة والأصيلة فيهم، ولا يمكن إغفال دور وسائل الإعلام والثقافة والفنون وعلى رأسها الأعمال الدرامية التي تؤثر في شرائح عريضة من المجتمع.
إضافة إلى دور وزارة الأوقاف وباقي مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، والعودة للتأكيد على دور الأم وعلى الرسالة العظيمة والسامية التي تؤديها ربة المنزل مع أسرتها ومع المجتمع، ورحم الله شاعرنا العظيم حافظ إبراهيم عندما عظم هذا الدور في بيته: الأم مدرسة إذا أعددتها.. أعددت شعبًا طيب الأعراق
حفظ الله مصر
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية