الفساد مرض خبيث، يصعب علاجه، هو شبيه بالسرطان الذي يدمّر خلايا الجسد، ويتمدّد حتى يقضي على من ابتُلِي به، أما الفساد، فهو يتوغّل في مؤسسات القطاع العام للدول، ويضرب بلا هوادة، ومن لا يتداركه في بدايته، يعجز عن مقاومته، إذا استشرى، ويُحدث عجزاً قد يصل إلى الشلل التام، وتسوء أمور الدول، وتتخلف من أجل ثراء بعض من حملوا الأمانة فخانوها.
دول تعرف أنها غنيّة، أنعم الله عليها بالخيرات، ولكنها لا تملك بنية تحتية، طرقها تشكو من الحفر والضيق، إنارتها شبه معدومة، ووسائل مواصلاتها عفا عليها الزمان، وتفتقر إلى النظام، ومبانيها متهالكة، خاصة مدارسها ومستشفياتها، بل قد تسمع أنها تعاني من نقص فيها، ونقص في إمدادات المياه والكهرباء، تخرج منها بصورة قاتمة السواد، ولا تستطيع أن تربط ما بين تدهور وضع أساسيات الحياة الكريمة، والدخل الذي تذكر أرقامه في التقارير السنوية، فإذا حدث ذلك، علينا بالبحث عن الفساد والفاسدين!
أما إذا تجوّلت في بلد، ورأيت الطرق الحديثة تصل إلى القرى والبلدات القابعة في أحضان الجبال، أو بين كثبان الرمال في الصحراء، ووجدت بيوتاً حديثة تبنى في كل مكان، وقرأت أسماء وزارات وهيئات حكومية، تشرف على تلك الإنجازات، بجسورها وخطوط الكهرباء، وامتداد العمران، فاعلم أنّك في بلد لا يعرف الفساد في مؤسساته، ولم يستطع الفاسدون نشر مرضهم الخبيث في جسده، فأنت تسمع النعمة تحدّثك، وتحكي لك «أن من يقودون هذا البلد، ويرعون شؤونه، قضوا من العمر والجهد والعرق الكثير، حتى يروا ما كانوا يحلمون به منجزاً ويتفاخرون به».
هذا حديث أثاره تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2022، والذي وضع دولة الإمارات على رأس قائمة «مؤشر مُدركات الفساد»، وللسنة السابعة على التوالي، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واحتلت المركز 27 عالمياً، من بين 180 دولة تم تصنيفها، فهو يؤكد لنا أن المفسدين لم يمروا من هنا، وإن ظهرت أعراضهم، بُترت دون تردد.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية