في 25 أبريل 1982 على مسرح الزمالك للقوات المسلحة؛ قدمت الراحلة الجميلة شادية واحدة من أروع أغانيها الوطنية الحماسية «مصر اليوم في عيد»، وذلك بمناسبة عودة طابا بعد التحكيم الدولي. من أشهر جمل الأغنية «سينا رجعت كاملة لينا ومصر اليوم في عيد».
دائماً وأبداً ما اقترنت سيناء في التاريخ الوطني والوجدان المصري بالنضال ثم الاحتفال والأعياد.
في عيد الشرطة الــ 71؛ أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن أن الدولة المصرية قضت على الإرهاب بنسبة كبيرة بفضل تضحيات رجال القوات المسلحة والشرطة. وأضاف الرئيس السيسي إن هناك احتفالية كبري سيتم إقامتها على مستوي كبير للغاية ليس في القاهرة ولكن ستكون في قلب شمال سيناء في العريش والشيخ زويد ورفح. ليضاف نصر وتاريخ آخر وعيد جديد لسيناء.
سيناء التي قال عنها المؤرخ الكبير جمال حمدان «من يسيطر على فلسطين يهدد خط دفاع سيناء الأول، ومن يسيطر على خط دفاع سيناء الأوسط يتحكم في سيناء، ومن يسيطر على سيناء يتحكم في خط دفاع مصر الأخير». ليثبت حمدان في عديد مؤلفاته بما لا يدع مجالاً للشك أو التأويل أن أرض الفيروز هي جزء عزيز وغالي لا يتجزأ من الأراضي المصرية، حيث يقول: «إن سيناء تحمل بصمات مصر، حضارة وثقافة وطابعًا وسكانًا، بالقوة نفسها التي يحملها بها أي إقليم مصري آخر»، واصفا إياها بأنها «مصر الصغرى»، لكونها امتدادًا وتصغيرًا لصحراء مصر الشرقية.
عادة في الأعياد نقدم الهدايا لمن يحتفلون بالعيد؛ لكن من يحتفلون بالعيد هم من قدموا لمصر الهدية هذه المرة؛ أعادوا لنا العريش وسيناء، طهروها من الإرهاب الأسود، وهي هدية غالية ونفيسة، ليس فقط لكونها جزء عزيز من الوطن، لكن كان ثمنها دماء طاهرة وذكية.
وتشاء الأقدار أن أعيش أنا وجيلي لحظات الفخر والإعزاز ونحن نتابع مواكب الشهداء الأبطال من أبناء القوات المسلحة والشرطة المصرية، لكن الشهادة في مواجهة عدو أكثر خسة، وأكثر نذالة، كانت المواجهة مع كتائب وميليشيات وفلول الإرهاب، وأيضاً عناصر المجرمين، التي انطلقت لترويع الآمنين في مختلف أنحاء الوطن، كذلك شاءت الأقدار أيضاً أن تكون أرض الفيروز في سيناء مسرحاً جديداً لبطولات العزة والفداء، ليقدم أبناء مصر كل غال ونفيس وليس أغلى من الأرواح والدماء فداءً لهذا الوطن. فكان المنسي وأبطاله، وهذا البطل محمد أبو شقرة، وأخيه البطل محمد مبروك، وذلك البطل محمد صلاح، ابن الجيزة الشجاع، وهذا بطل كفر الشيخ، وذاك ابن مصر البار من دمياط، وغيرهم المئات ممن ضربوا أروع أمثلة التضحية والفداء.
فكرة الشهادة لدي ــ وأنا أفتخر بأنني ابن لأحد أفراد القوات المسلحة خاض حربي الاستنزاف وأكتوبر ثم واصل شرف الخدمة في صفوف القوات المسلحةــــــــ دائماً ما كانت مقترنة بالزهو والاندهاش في نفس الوقت، وتثير تساؤلات عميقة لدي حول تلك القدرة، وهذه العقيدة التي تستحوذ على إنسان ما ليضحي بأغلى ما يملك؟، ليضحي بدمائه وحياته. لكنها مصر، وعقيدة جيش وشرطة مصر منذ فجر التاريخ الذي يرفض الهزيمة، يحمي الأرض ويصون العرض حتى أخر نقطة دماء.
وإذا كانت احتفالية العريش إعلانًا بنهاية معركة السلاح؛ فهي نفير جديد لبداية معركة التنمية في شامل جزيرة سيناء، وهو ما انعكس في جملة الاستثمارات الحكومية بخطة 2022/2023 الموجهة لتنمية محافظة شمال سيناء حوالي 5 مليارات جنيه، إلى جانب العمل على تنفيذ المخطط العام للتنمية الشاملة في شبه جزيرة سيناء، بما في ذلك مشروعات استصلاح الأراضي، الهادفة إلى زيادة رقعة الأراضي الزراعية في وسط وشمال سيناء، وتعظيم المساحة العمرانية والإنتاجية. لتعود سيناء كما قال عنها «حمدان»؛ عازل استراتيجي، وحائط صد طبيعي، وليست موصل للخطر والتهديدات.
حفظ الله مصر، وكل عام والشرطة المصرية بخير، موطن أمان الشعب والوطن.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية