ذكرى ميلاد الزعيم جمال عبد الناصر ليس موعد لفرد بل هو إعادة استرجاع تاريخ لأمة عربية حاولت صناعة النهضة والتقدم في الواقع العالمي من جديد ضمن أوضاع انتقالية كانت تعيشها المنطقة آنذاك لما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث جاءت هذه الشخصية القيادية العربية وهي تحمل مشروع وفكرة وأهداف ساعية للحياة والحركة في خط التطبيق.
إن جمال عبد الناصر هو المشروع وهو المحاولة التي عاشها العرب.. كل العرب لكي نعود من جديد للحالة الحضارية القديمة من إنتاج الإبداع الفردي والمجتمعي في الثقافة والتصنيع وبناء اقتصاد صناعي حقيقي تجاري يخدم الناس ولا يستغلهم وفيه تكون الدولة راعية للمواطن وحافظة له في التعليم والسكن والمواصلات والأمن الغذائي.
إن ذكرى الميلاد لهذه الشخصية العربية التي عاشت «هم الأمة» وقلق إعادة صناعة الإنسان العربي هو ما نتذكره مع ميلاد الزعيم جمال عبد الناصر والذي قدم تجربة صادقة مخلصة تستحق الدراسة والتحليل والنقد وقراءتها في سلبياتها وايجابياتها بعيدا عن شيطنتها بخباثة شريرة تريد اسقاط كل التجربة وصناعة ثقافة الهزيمة والخنوع لمن هم «غرباء» عنا ولمن يريدون أن يكون العرب بعيدين عن الاستقلال، بدون إرادة وبدون خطط حقيقية تخدم مصالحهم.
إن جمال عبد الناصر ليس «ملاكا» وفي نفس الوقت ليس هو الشيطان، هو إنسان عربي أصيل أراد التغيير وتم اسقاط تجربته بالضربة العسكرية المباشرة وعندها أعلن مسئوليته وتنازل عن الموقع الأول في السلطة، يكفيه فخرا بعدها إعادة الثقة به وبمشروعه مرة أخرى من جموع شعبنا العربي، لأنهم أرادوا استمرار المشروع ولم تكن المسألة «شخص» أو فرد أو عبادة شخصية.
لقد شاهد شعبنا العربي «الاستقلال» واحسوه من خلال الموقف الحقيقي في إعادة قناة السويس لأصحابها، وتحرك الموظفين في البناء والعمل في التصنيع والمشاريع الضخمة والخطط الخمسية وزيادة الدخل وأرقام التنمية السنوية المتراكمة ومجانية التعليم والإصلاح الزراعي وطرد الأجانب من المؤسسات المالية والبنكية والمواقع الاستثمارية وإعادة توظيف أبناء شعبنا العربي فيها فهذا وطنهم وبلدهم وهم الأحق فيها وليس «الغرباء».
واقع جمال عبد الناصر الذي يكرهه «الغرباء» أنه كان حركيا في اتجاه الحضارة والامتداد على خطوط اقتصادية وثقافية وأمنية وعسكرية بعيدا عنهم وعن مصالح ومنافع الأجانب فمصلحة العرب هي الحاكمة وقرارهم في أيديهم ولا عودة للعبودية والاستعباد والاملاءات من الخارج.
هي ذكرى ميلاد أمة عاشت مع جمال عبد الناصر الأدراك والمعرفة واليقين إننا نستطيع أن ننهض إذا أردنا ومتى ما استخدمنا مواقع قوتنا لكي نستطيع أن نقول «لا».
طبيب باطنية وغدد صماء وسكري
كاتب كويتي في الشؤون العربية والإسلامية
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية