لا شك أن منظمات المجتمع المدني لها دور هام في شتى المجتمعات، سواء كانت في دول حديثة ومتقدمة أو في دول نامية وفقيرة، إلا أن دورها يتعاظم في الدول النامية بين الشرائح الفقيرة من خلال تحسين أوضاعها المعيشية والاقتصادية، إضافة إلى الهدف التنموي من خلال تنمية طاقات أفراد المجتمع وتدريبهم لاكتساب مهارات تساعدهم في الدخول إلى سوق العمل، إضافة إلى برامج الرعاية الصحية والاجتماعية المختلفة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم منذ عدة سنوات وزادت من الغضوط الاقتصادية في الدول النامية.
ولا خلاف على أن منظمات المجتمع المدني في مصر قد قامت بدور مؤثر في المجتمع في ظل الأزمة الاقتصادية، وقد تجلى هذا الدور بوضوح منذ شهر رمضان الماضي وساعد شريحة كبيرة من المواطنين، سواء من خلال سلاسل الغذاء التي طرحت السلع الغذائية بأسعار معقولة، أو من خلال تقديم الدعم للأسر الفقيرة سواء بشكل نقدي أو في شكل سلع غذائية مجانية، ونظرا لتأثيرها الملحوظ في الأسواق تقرر استمرار هذه السلاسل في العمل بعد انتهاء شهر رمضان، وباتت من عوامل الأمن الغذائي في المجتمع.
قبل عدة أيام تم تدشين التحالف الوطني للعمل الأهلي، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهذا التحالف يضم اتحاد الجمعيات والمؤسسات الأهلية وبه 30 اتحادا نوعيا و27 اتحادا إقليميا في مجالات ومبادرات متعددة لتقديم الدعم للفئات الأولى بالرعاية، سواء في صورة دعم نقدي أو غذائي وصحي وسكني وتعليمي وتدريبي.
ونظرا للنجاح الذي حققه العمل الأهلي في مصر خلال الفترة الماضية، فقد قرر التحالف الوطني الانتقال إلى مرحلة جديدة لتطوير خدماته في المجتمع من خلال أنشطة إضافية جديدة تعتمد على التشغيل بمساعدة بعض الشرائح على العمل في مشروعات صغيرة مثل الورش والحرف اليدوية ومبادرة – ازرع- ومشروعات تربية الماشية والدواجن، وغيرها من المشروعات البسيطة التي يتم تمويلها بهدف تحويل بعض الشرائح من دائرة الاحتياج إلى دائرة الاكتفاء ودمجهم في سوق العمل.
وفي اعتقادي أن تدشين هذا التحالف قبل شهر رمضان ذي الخصوصية عند المصريين، يمثل فرصة للجمعيات الأهلية للاستعداد الجيد للشهر الكريم، وأيضا هو فرصة للمساهمة ودعم هذا التحالف من كل القادرين المصريين بعد أن أصبح يشكل أحد عناصر الأمن الغذائي في مصر، سواء في مواجهة الأزمة الاقتصادية أو حتى مواجهة جشع بعض التجار الذين يستغلون شهر رمضان وبعض المناسبات لمضاعفة أرباحهم.
الحقيقة أن لغة الأرقام كاشفة، ومن خلال متابعتي لمؤتمر التحالف الوطني للعمل الأهلي، استوقفتني بعض الأرقام على رأسها أن الدعم الذي تم تقديمه لشرائح من المصريين شمل 30 مليون مستحق، منهم 25 مليونا في مجال الدعم الغذائي، وهو بالتأكيد رقم كاشف للوضع الاقتصادي الصعب لشريحة كبيرة من الناس التي تأثرت بالأزمة الاقتصادية، وهو أمر يضع على عاتق الحكومة ضرورة مراجعة كثير من سياستها، والبحث عن حلول مبتكرة لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الوطن وشرائح كثيرة من المصريين، وأيضا مراجعة بعض القرارات التي تسببت في إرباك السوق المصري، وأثرت على حركة التجارة وشرائح من العاملين بها.
وفوق هذا وذاك نسف البيروقراطية والقرارات المعطلة والمؤثرة على مناخ الاستثمار، ومنح مزيد من الفرص والتسهيلات لهذا القطاع وتحديدًا أمام الشباب المصري الذي يثبت في كل المواقف أنه داعم ومحب لوطنه، وينتظر الفرصة للمشاركة والعمل والاجتهاد وصنع مستقبله داخل هذا الوطن، شريطة أن تفتح له الحكومة الآفاق ومنحه فرص التصنيع أو الزراعة وغيرها من مجالات الإنتاج، وقد أكدت لغة الأرقام المعدن الأصيل للشباب المصري الذي تطوع منه 251 ألف شاب للعمل المجاني في مؤسسات العمل الأهلي لخدمة ومساعدة أشقائهم وتخفيف الأعباء عن كاهلهم.
حمى الله مصر
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية