نون والقلم

عبد العزيز النحاس يكتب: السياحية تحتاج إعادة نظر

السياحة واحدة من أكبر القطاعات الاقتصادية في العالم، وتشكل عشرة بالمائة من الناتج المحلى الإجمالي عالميًا، وبما يعادل أكثر من سبعة ونصف تريليون دولار، وتشكل المصدر الأول للعملات الأجنبية لحوالي 40% من دول العالم، بخلاف أنها أكبر قطاع خدمي في جوانب الاقتصاد، لأنها لا تقف عند حدود الإنفاق على القطاعات السياحية المباشرة مثل وكالات السفر والسياحة والمنافذ الجوية والبرية والفنادق والوحدات السكنية والمناطق السياحية والمطاعم، بل تمتد لتشمل أنشطة اقتصادية أخرى ترتبط بهذا القطاع مثل النقل والمواصلات والحرف والصناعات التراثية ومراكز التسوق والأنشطة العلاجية، وتفتح نوافذ جديدة للأيدي العاملة.

وكشف تقرير لـ منظمة الصحة العالمية قبل عدة أشهر عن أن هذا القطاع سوف يوفر أكثر من 130 مليون وظيفة حول العالم بحلول عام 2025، وأكد التقرير أن هناك نمواً مطردًا لعدد السياح الدوليين حول العالم في الفترة الحالية وخلال السنوات القادمة بسبب تلاشى جائحة كورونا.

الحقيقة أن مصر ما زالت بعيدة عن تحقيق معدلات عالية في هذا القطاع مقارنة بما تمتلكه من مقومات سياحية كبيرة، وهناك دول إقليمية تحقق معدلات سياحية كبيرة وأضعاف ما تحققه مصر، الأمر الذي يحتاج إلى دراسة موضوعية للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء عدم تحقيق مصر الاستغلال الأمثل لهذا القطاع الذي يستطيع إنعاش الاقتصاد المصري وحل أزمة الاحتياطي النقدي الأجنبي، والأمر أصبح في حاجة إلى قرارات جريئة ونسف كل المعوقات التي تقف أمام نهضة هذا القطاع، على اعتبار أن مصر تمتلك كل المقومات التي تجعلها في مقدمة الدول الجاذبة للسياحة.

ويجب الاستفادة من تجارب ودروس الدول الإقليمية التي استطاعت تحقيق أرقام قياسية مثل تركيا التي استطاعت جذب حوالي 50 مليون سائح في العالم، وأيضاً الإمارات التي جذبت 17 مليون سائح في العالم.

وإذا كانت مصر لا تستطيع تحقيق المعدلات التي تحققها فرنسا وإسبانيا وغيرهما من الدول السياحية الكبرى فيجب أن تكون من الدول المنافسة في منطقة الشرق الأوسط، لاعتبارات كثيرة منها عامل المناخ والاستقرار الأمني، وفوق هذا وذاك التنوع الحضاري والثقافي وتعدد المقاصد السياحية التي تتفرد بها مصر مثل الحضارة الفرعونية التي تبهر العالم في مدن الأقصر وأسوان وأبو سمبل وغيرها من مدن الوجه القبلي، وأيضاً السياحة الشاطئية في شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم والساحل الشمالي، والسياحة الدينية في رحلة العائلة المقدسة، وأيضاً السياحة العلاجية في سيوة والواحات وعيون موسى وغيرها.

مصر هي واحدة من الدول التراثية التي تشكل متحفًا مفتوحًا في كثير من مدنها، وليست في حاجة إلى مزيد من الاكتشافات الأثرية وبناء المتاحف، بقدر حاجتها إلى الاستغلال الأمثل وتسويق ما لديها من حضارة ضاربة في جذور التاريخ.

وفي اعتقادي أن افتتاح المتحف العالمي الجديد أمام منطقة الأهرامات وتشكيل بانوراما فريدة لإحدى عجائب الدنيا السبع، فرصة لإعادة النظر في المنظومة السياحية برمتها بدءاً من نسف كل المعوقات سواء كانت قوانين أو بيروقراطية أو عدم وعي أو فساد ومضاربة وغيرها من المعوقات التسويقية، والاستعانة بخبراء دوليين واستلهام تجارب الدول الناجحة حتى تستطيع مصر تحقيق المنافسة في هذه السوق الحيوية التي تشكل واحدة من أهم مصادر الدخل القومي.

حمى الله مصر

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى