أثار التقرير الذي أصدره البرلمان الأوروبي بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر موجة من الغضب عند المصريين، بسبب افتقاد هذا التقرير للمصداقية والحياد من جانب، وعدم ملاءمته للواقع المصري من جانب آخر، وصدرت بيانات عديدة سواء من البرلمان المصري بغرفتيه أو من الأحزاب والقوى السياسية والمدنية تدين هذا التدخل في الشأن الداخلي المصري.
والحقيقة المجردة هي أن الغرب أصبح يستخدم قضية حقوق الإنسان فزاعة في مواجهة بعض الدول، وهو ما يشكل أكبر هدر لحقول الإنسان يمارسه الغرب على الدول الفقيرة وشعوبها، بسبب المصالح التي يسعى الغرب لتحقيقها من خلال فزاعة حقوق الإنسان والضغط على الدول لتحقيق مصالح وأهداف اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية.
وليس أدل على ذلك من ممارسة شتى الضغوط لنشر قيم ومبادئ تتعارض وثقافة وقيم دول مسلمة مثل إلغاء أحكام الإعدام، وحقوق الاجهاض وزواج المثليين، وغيرها من الحقوق التي تشكل أعلى درجات من الرفاهية للإنسان بغض النظر عن الدين أو الاعتقاد أو حتى العرف السائد في المجتمع.
وتسعى حكومات الغرب لسن القوانين التي تحمى هذه الحقوق.. ولكن في المقابل ومن المؤسف أن الغرب ذاته لا يرى حقوق الإنسان الأساسية مثل الفقر والمرض والجهل، ولا يشغله أن يجوع المواطن، وأن يموت الآلاف بسبب انعدام الطعام، ولا يشغله مرض الإنسان ووفاة الملايين بسبب عدم قدرتهم على العلاج.
والغريب أيضًا أنه لا يشغله جهل الإنسان وعدم قدرته أو قدرة بلاده على توفير التعليم له، وكل ما يشغله أن هذا الإنسان الجاهل يقول ما يحلو له ويفعل ما يحلو له دون أن يحاسبه القانون، ولا يشغله أيضًا أن يكون هذا الإنسان بلا مسكن مناسب، وبلا خدمات تقدم له وإنما يشغله أن يكون هذا الإنسان حرًا في كل ما يفعله بغض النظر عن إهدار كل حقوقه الأساسية.
للأسف الشديد الغرب يعي تمامًا ما يفعل، ويعي أكثر أنه وصل إلى هذه الحالة من الرفاهية بعد مئات السنين، وأن هناك كثيرا من شعوب العالم مازالت تبنى نفسها وفى حاجة إلى عشرات السنين لتحقيق وتقديم حقوق الإنسان الأساسية سواء كانت في شكل خدمات أو مستلزمات أساسية.
والغرب يعي أيضًا أن هناك دولا تفتقد تمامًا إلى الديمقراطية والحريات العامة وتمارس شتى أشكال الديكتاتورية، ولكنه لا يستطيع أن يقترب منها بسبب قوتها العسكرية أو الاقتصادية ويخشى على مصالحه معها.
ويجب ألا ينسى الغرب الذي يؤرقه صدور أحكام قضائية ضد نشطاء ارتكبوا جرائم فعلية وحرضوا على القتل، أنه مازال يمارس أعلى معايير اهدار حقوق الإنسان، منذ أن بدأ بالحرب العالمية الأولى، ثم الحرب العالمية الثانية التي استخدم فيها القنبلة النووية لإبادة البشر في اليابان من أجل مصالحه وأهدافه.
ولا يجب أن ينسى الغرب صناعة الحرب العراقية الكويتية لابتزاز دول الخليج من جانب وتسويق أسلحته من جانب آخر والتي تعد المصدر الرئيسي للاقتصاد.
والآن نعيش واحدا من أسوأ سيناريوهات الغرب بسبب صناعة الأزمة الروسية الأوكرانية التي استفادت منها كل الدول الكبرى وتسببت في أزمة غذاء عالمية تعاني منها الدول الفقيرة.
وأيضًا أدت إلى هجرة ملايين الأوكرانيين ومعيشة الآلاف في الأنفاق ومقتل عشرات الآلاف، وجميعها بسبب المصالح الاقتصادية الكبرى وكان ضحيتها هو الإنسان.
حمى الله مصر
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية