يخطئ من يتصور أن ما حققه المنتخب السعودي في مونديال قطر من أداء أبهر العالم يقتصر على كرة القدم فقط.. ولكن الحقيقة أن ما حدث هو جزء من منظومة متكاملة تحدث على أرض السعودية.. منظومة في السياسة والاقتصاد والسياحة والثقافة.. منظومة في الخدمات والرقمنة وجودة الحياة.
إن ما حدث في السعودية بين قمتين أمر يتطلب المزيد من التأمل والدراسة.. فما بين قمة جدة في يوليو الماضي والقمة الصينية في ديسمبر الحالي أحداث ووقائع كثيرة سواء على المستوى الدولي أو المحلي.. ما بين القمتين 5 أشهر من الزمن وأحداث تاريخية يمتد تأثيرها سنوات طويلة.
ففي قمة جدة جاء بايدن إلى المملكة في زيارة هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط وذلك وسط اهتمام إعلامي غير مسبوق.. الزيارة جاءت في توقيت حرج وأحداث مزلزلة يعيشها العالم في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية.. كما ناقشت ملفات ساخنة قلت وقتها إن سيد البيت الأبيض لن يكون قادراً على حسمها وهو ما حدث بالفعل.. القمة التاريخية عززت من دور المملكة السياسي وأجبرت بايدن على أن ينقلب على ما أشاعه من مواقف حادة تجاه المنطقة ودولها.. نزل الرئيس الأمريكي من كبريائه ورضخ للمملكة وملكها وأيقن أن موقفه سيكلفه الكثير.. من هنا كانت القمة علامة مهمة في الأحداث السياسية والإعلامية الأخيرة.
قمة جدة دفعت بايدن إلى التلاعب بالألفاظ وأخذ يتحدث عن توجيه العلاقات وليس قطعها.. رسالة القمة كانت قوية ومؤثرة أهمها أنها وضعت شروطا جديدة للعلاقة بين المملكة والولايات المتحدة وأن النفط مقابل الأمن أصبح نموذجاً اختزالياً عفا عليه الزمن.
في اعتقادي أن قمة جدة كانت تاريخية بكل المقاييس.. سواء في الأحداث التي سبقتها أو في وقائعها ونتائجها خاصة أنها جمعت بين رئيس الولايات المتحدة وقادة السعودية والمنطقة في حدث استثنائي ورسخت لمرحلة جديدة بمعطيات جديدة كانت المملكة فيها رقماً مهماً في المعادلة العالمية.
وبعد أقل من 5 أشهر من قمة جدة تأتي قمة أخرى مع رئيس الصين شي جين بينغ والتي ستنطلق الأسبوع القادم بحضور القادة العرب.. زيارة الرئيس الصيني إلى المملكة هو حدث تاريخي لا يقل أهمية عن زيارة الرئيس الأمريكي وإن كانت زيارة بايدن قد شهدت قمتين سعودية وعربية، فزيارة الرئيس الصيني ستشهد ثلاث قمم سعودية وخليجية وعربية..
القمم الصينية استدعت اهتمام العالم قبل أن تبدأ خاصة من جانب الولايات المتحدة التي شككت من الأصل في الزيارة، وربما يرجع ذلك التشكيك إلى أمنية داخل نفوس الأمريكان بألا تنعقد هذه القمم التاريخية.
انتهت الترتيبات وستشهد أرض المملكة قمة لا تقل أهمية عن قمة جدة وسيكون العالم على موعد مع اجتماعات طرفها الأول المملكة ومصر ودول الخليج والدول العربية وطرفها الثاني ثاني أكبر قوة في العالم.
في اعتقادي أنه ليس بإمكان أي دولة أخرى غير السعودية القيام بهذا الدور المحوري في السياسة العالمية.. ذلك الدور الذي يجمع قطبي العالم على أرضه في أقل من 5 أشهر.
وفي اعتقادي أن محور القاهرة الرياض الذي يجمع بين أكبر دولتين في المنطقة العربية والشرق الأوسط هما مصر والسعودية بعلاقاتهما التاريخية الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، يعد المحرك الأساسي لكل الأحداث التي شهدتها المنطقة خلال الفترة الماضية وما سيحدث من ترتيبات سياسية خلال المرحلة القادمة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية