نون والقلم

أبو يوسف الجوراني يكتب: تاريخ بغداد في زمن داود باشا  

من يتصدى للبحث في الإنساب عليه أن يكون ضالعا في دراسة التاريخ ويتمعن في أحداثه وما رفق تلك العصور من أحداث في بداية شهر نيسان من عام 1831 حدث طاعون في بغداد.

ويلاحظ الرحالة الإنكليزي ( جمس ريموند ولستيد في كتابه رحلتي الى بغداد) قد تحدث في الفصل الرابع من كتابه « أن الطاعون بداء بالانتشار  في الحي اليهودي ويعزو انتشار هذه الوباء الخطير  بسبب انتشار  استعمال المواد الالبسة (تخزينها)  من قبل اليهود وقد مات في كل بيت ما يقارب خمسة أفراد وامتد ذلك الوباء في البيوت المجاورة الأخرى ».

فقدت مدينة بغداد ثلثي سكانها تقريباً، غير أن جثث الموتى كانت ماتزال ملقاة في الشوارع والأزقة والأسواق تعبث بها الكلاب، فأخذ الأحياء بدفن قسم منها، وألقي القسم الأخر في النهر، وقد ظل المعمرون من أهل بغداد يتحدثون عن مآسيه حتى عهد متأخر.

وكان الموت يحصد الناس بالآلاف ويزداد كل يوم، حتى بلغ عدد الموتى تسعة آلاف في اليوم الواحد، وفي بغداد سوق يسمى ( سوق الجايف ) ويقع هذا السوق في الشورجة بين شارعي النهر والرشيد وهو متخصص اليوم ببيع القماش والشراشف، وهو إنما سمي بهذا الاسم لأنه امتلأ بالموتى أثناء الطاعون واشتدت النتونة فيه إلى درجة لا تطاق .

#الكارثة_الثانية حصلت في نفس أيام الطاعون هي ارتفاع مناسيب دجلة بعد ذوبان الثلوج على الجبال الشرقية وفيضان النهر من عام 1831، الذي غرقت فيه بغداد من شمالها إلى جنوبها، ويومها كانت بغداد مسورة، يمتد سورها الأول من الباب الشرقي إلى الباب المعظم، من جانب الرصافة إذ يبلغ عدد سكان الرصافة قرابة ضعفي سكان جهة الكرخ التي يمتد سورها هي الأخرى، من الجعيفر وخضر إلياس والصالحية، العام الذي أنتشر فيه مرض الطاعون واستمرت آثاره إلى ما بعد 12عاما من انتهاء الفيضان!!!

يعد من أخطر الفيضانات التي حصلت في ذلك العهد، إذ صاحبه موجة انتشار الطاعون، حيث اكتسح الفضيان السداد ليلة العشرين من نيسان، وطغى الماء على أغلب بغداد، فقد تسبب بغرق جزء كبير من المدينة، وموت أعداد كبيرة من السكان بسبب الفيضان والهلاك، وقد تهدمت من جراء هذا الفيضان السدود كافة خاصة في جانبها الشرقي، وهلك في تلك الليلة ما يزيد عن 15الف إنسان لم يستطيعوا الهرب ليلا، حيث تداعت أغلب الدور السكنية، وسقطت على سكانها حوالي عشرة آلاف بيت في بغداد، وسقط جانب من سُوَر بغداد عند باب المعظم، وهدمت تكية الدراويش قرب الشيخ عبد القادر، وفي الصباح انخفض منسوب الماء بعد تسربه الى مسارب أخرى.

فضلاً عن اضطراب الأوضاع الاجتماعية في البلد، كانتشار السرقة بين الناس، وكيف إن مياه الفيضان كانت تضرب الحيطان وتجرف أجساد الموتى، وأصبحت الزوارق هي وسيلة التنقل، بعد يومين انخفض مستوى الماء وبذلك زال خطر الطاعون والفيضان عن المدينة

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى