دخل لبنان في عين العاصفة، خطط من خطط، وتنصل من تنصل، وهرب في وضح النهار من هرب، وتركت دولة دون رئيس، وحكومة تنتظر اللطف من الله.
حال لبنان اليوم يحزن الجميع، وليس شعب لبنان فقط، فالظلام يغطي بلاد النور التي كانت مشعة قبل أن يعبث بها وكلاء التدمير والتشتيت والتفكيك، فالذي يحدث سابقة، وقد كتب على لبنان أن يسجل السوابق في كل شيء، حتى وصل إلى مفترق الطرق، لا، بل حتى وصل إلى طريق يلفه السواد، لا ملامح له، ولا نهاية في آخره.
لا يستحق لبنان كل هذا، منذ قرابة خمسة عقود وهو يعيش رحلة التيه نحو المجهول، حرب أهلية قسمت الناس وأوغرت الصدور، ولم يخرج منها أحد منتصراً، تبعتها مرحلة الميليشيات، ثم الغزو الإسرائيلي، واستقواء الطوائف، والتدخلات الخارجية، والدولة داخل الدولة من أتباع الرايات السوداء.
ومر لبنان بمرحلة الحكومتين، واحدة مدنية وأخرى عسكرية، ولأول مرة يكون هذا البلد برأسين، وكان ميشال عون هو مدبر تلك العملية حتى أخرج من القصر عنوة بعد أكثر من عامين، وهو الذي وضع لبنان في هذا المأزق الجديد، الذي ندعو لأن تكون أضراره خفيفة على أبنائه الذين اكتفوا بالأزمات المعيشية الضرورية، ووصلوا إلى حال لا يحسدهم عليه أحد.
ميشال عون خرج من قصر الرئاسة يوم أمس، بعد أن أقال حكومة تصريف الأعمال، فترك البلاد دون رئيس ودون حكومة، وهو الذي عطل تشكيل الحكومة الجديدة عدة أسابيع، وكأنه كان ينتظر هذه اللحظة التي تغرق فيها بلاده ولا منقذ لها.
الأمر مخطط له، ولم يأتِ نتيجة ظرف طارئ، ومن اتخذه لم يتصرف بعشوائية، وستبدي الأيام ما كان خافياً، وليس بيدنا شيء غير انتظار ردات الفعل، خاصة من أولئك الذين يملكون السلاح والميليشيات الساعية إلى الفوضى حتى تتمكن من إكمال السيطرة على مفاصل الدولة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية