مرت مصر في الأيام الأربعة الأخيرة بإجراءات اقتصادية تواكبت مع التوقيع المبدئي على قرض جديد من صندوق النقد.. وهذه القرارات أدت إلى انخفاض قيمة الجنيه بنسبة تتراوح بين 15 إلى 30% وما ترتب عليه من ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات.
وإن كانت الحكومة سبقت بيوم بإجراءات للحماية الاجتماعية منها علاوة استثنائية 300 جنيه لأصحاب المعاشات والعاملين لديها ورفع الحد الأدنى للأجور للعاملين في الدولة، ووضعت آلية لتعويض القطاع الخاص بشرط عدم الاستغناء عن العمالة، وهي خطوة جديدة. لكنها غامضة خاصة وأن القطاع الخاص يرفض تطبيق جميع قرارات المجلس الأعلى للأجور الذي تحول إلى مسمى فقط، ولا يقوم بأي دور حقيقي في دعم أجور العاملين في القطاع الخاص أو من يطبق عليهم قانون العمل.
فالحكومة راعت من يعمل لديها والذين يعملون بقوانين خاصة، وتركت الأغلبية الذين يعملون في القطاع الخاص بكافة فروعه وأنواعه ويخضعون لقانون العمل الحالي وهؤلاء عددهم يتجاوز25 مليون عامل وفق تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء وأغلبهم لا يتمتع بحماية نقابية بعد العودة إلى نظام الوحدة النقابية ومن بين هؤلاء مهنيون من مهندسون وأطباء وتجاريون وصحفيون وعلميون ومعلمون.. إلخ .
وبعد القرارات الصادرة يومي الأربعاء والخميس يجب أن تقف الحكومة وقفة صريحة وقوية مع القطاع الخاص وأن تلزمه بزيادة الحد الأدنى للأجور وأن تسارع بالإعلان عن خطتها لدعمة لتطبيق هذه الزيادات مقابل الإبقاء على العمالة وأن تعلن عن طريقة التعويض هل سيتم منحهم الفارق المالي ما بين ما يتقاضاه العامل الآن وبعد الزيادة أم ستكون عبارة عن حوافز ضريبية وخلافة.
ومن المهن التي تتعرض إلى محنة اقتصادية ومالية الصحافة وأقصد هنا الصحافة الخاصة والحزبية خاصة وأن حالة الركود وارتفاع الأسعار ستؤدى إلى تحجيم السوق الإعلاني المحتكر أصلا وستقوم الشركات بخفض حملاتها الإعلانية بنسب قد تصل إلى 75 % في الشهور القادمة أي أن الأزمة سوف تتصاعد عن ما هي عليه وسوف تتحول المحنة إلى كارثة على جميع العاملين في المؤسسات الصحفية الحزبية والخاصة لأن المؤسسات المملوكة للدولة تقوم الحكومة من خلال الهيئة الوطنية للأعلام بدعمها بصورة يومية ورغم ذلك يشعر العاملون فيها بحجم المأساة.
وهذه المحنة التي تمر بها الصحافة تحتاج إلى تحرك عاجل من الحكومة وأن تعيد فورا الدعم المالي الذي كانت تقدمه للأحزاب السياسية التي لديها صحف وأعضاء في مجلسي النواب والشيوخ أو أن تتفاوض مع ملاك وممثلي الصحف على آلية التعويض مثل منح كل صحيفة كوتة إعلانية شهرية من الشركات الحكومية مباشرة بدون أي وساطة من الوكالات الإعلانية المحتكرة للسوق الإعلاني.
نعم نعرف أن ما حدث خارج عن إرادة الحكومة وأنها أزمة عالمية ليس لنا بها دخل لكننا كنا أكثر الدول تضررًا منها بسبب حجم مصر المكاني والسكاني وقدرها أن تكون معتمدة على الاستيراد في أغلب ما تحتاجه.
ونحن نعلم ومتأكدون من اخلاص الحكومة وأنها تبذل كل الجهد لتخفيف أثار هذه الأزمة التي ضربت الغنى والفقير في العالم وتسببت في إفلاس دول كانت رمزًا للرخاء الاقتصادي.
ولكن كل ما نريده أن تنظر الحكومة بعين الاعتبار إلى العاملين في القطاع الخاص وأن تجرى مشاورات جادة وقوية مع ممثلي رجال الأعمال وان تلزمهم بالانصياع للقرارات التي تتخذها أسوة بكل دول العالم.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية