بعد ثورة 25 يناير 2011 التي أسقطت حكم الرئيس الراحل مبارك، ظهر نوع من المعارضة «البذيئة».. يعتمد فيها المعارضون – أسلوبًا بذيئًا في الانتقاد والاختلاف مارس هذا على سبيل المثال علاء عبد الفتاح ووائل عباس وغيرهما، ولاتزال فلول الإخوان الفاشيون تمارسه على وسائل التواصل الاجتماعي وفي برامج إعلامية متنوعة!
كان علاء عبد الفتاح -بحسب حوارات لنا على تويتر قبل أن يتم سجنه- يعتبر أن النقد ببذاءة يعتبر نوعًا من ممارسة الضغط على السلطة الحاكمة! تلك الموجة استمرت بل ولاتزال مستمرة، واعتمدها معارضون آخرون.. كانوا يخلطون بين النقد والبذاءة، باعتباره مؤثرًا شديدًا على الخصوم.. وينال منهم، ربما فس مقابل نيل الأجهزة الأمنية من المعارضين.. فيبدو الأمر وكأنه «واحده بواحده»!
ظهرت كلمات ومصطلحات معبرة عن هذا الاتجاه ربما لاقت قبولا في أوساط بعض الينايريين الذين لم يتوقفوا عن استعمال أسلوب النقد البذيء -رغم تغير النظام السياسي- وكأن هذا الأسلوب «بدلة» يتم قلبها على وجهها أكثر من مرة، أو حذاًء يجري رتق تمزقاته بين حين وآخر!
المعارضة البذيئة مثل الكتابة التافهة، لا بقاء لها ولا قدرة على الصمود وكسب التأييد، ولا تمثل إضافة رصيد من أي نوع.. سواء باصطناع البطولة الزائفة أو بتوهم إحداث التأثير والتغيير.
المعارضة الرصينة الموضوعية أبقى وأصدق، وحتى النقد الساخر.. وهو أعلى فنون ومهارات التعبير خصوصًا مع «شعب مالوش حل ومالوش كتالوج وابن نكته» كما يصنف، ومعجون بالسخرية.. ونموذج هذه الانتقادات الباقية يتجلى حديثًا عند عدد من كتابنا الراحلين، وآخرهم جلال عامر، وأكثرهم شهرة في تاريخنا محمد عفيفي ومحمود السعدني، إذ لا يخلو حديث إنساني، أو محفل ثقافي من استذكار هذه الأسماء وانتقاداتها اللاذعة الساخرة، فيما لا يتذكر أغلب المصريين كلمات بذيئة لمعارضين، كالتي يشيع استخدامها عند ممثلين مثل عمرو واكد وغيره.
تبدو الرصانة وحسن التعبير ورشاد النقد واضحة مثلًا عند الدكتور عمار على حسن ونبيل عبد الفتاح وعمرو الشوبكي وحتى عمرو حمزاوي، والذي نلاحظ انتقاله من معسكر المعارضة. لا يجد المتابع لهم لفظًا بذيئا في كتاباتهم النقدية..
ومن هنا يثور السؤال: ما قيمة المعارضة على طريقة علاء عبد الفتاح ودومة وزياد الذي خرج من السجن هو وآخرين، كثمرة من ثمار غصن الزيتون الذي أنبتته الدولة، في سياق غرس الحوار الوطني القائم حاليًا، وكنت تمنيت أن يكون لمجلس النواب-أيا كان تقييم فعاليته – دور في انطلاقته وإجراءه، كون النواب في النهاية ممثلين للشعب.
ثمرة الحوار الوطني وغصن زيتونة قد تنبت في الأيام المقبلة نبتًا آخر، فيخرج معارضو البذاءة، ولكن على هؤلاء- مع تقديرنا لمن يدفع فاتورة الدفاع عن معتقداته ومبادئه – أن يعرفوا أنهم لم يفيدوا الشعب بنهج المعارضة البذيئة، بل بالعكس كل القيم التي ينادي بها العالم الحر من حريات وديمقراطية واحترام حقوق الإنسان لم تكتب في الدساتير باللغة البذيئة.. وإنما كتبت برصانة وجدية ولذلك تلقفها الجميع وتضامنوا معها. لا قيمة لفوضى التعبير والنقد.. لا فكرة ستبقى ولا حلم سيتحقق ولا تقدم ولا بناء. ستواجه البذاءة بالقانون ولن تكون هناك طاقات نور تتفتح ولا شموعًا تقاوم العتمة من أجل المستقبل.. ففي معركة البذاءة الكل خاسر !
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية