نون والقلم

محمد يوسف يكتب: درس وعبرة

هذا درس، نتعلم منه، نأخذ العبر، ونراجع أنفسنا، أفراداً كنا أو أكثر من ذلك، فالقوة ليست معياراً في العلاقات، هناك ما هو أهم وأشد تأثيراً من العضلات المفتولة، وهناك ما يجب أن يتقدم على السلطة إذا تجمعت في اليد، هناك الحكمة، وهناك التعلم من الحياة، فهي المدرسة العظمى.

ليس على وجه الأرض من هو أقوى من جو بايدن، هكذا أسرّ بايدن لنفسه عندما دخل البيت الأبيض رئيساً للدولة الكبرى، صاحبة الأساطيل المنتشرة في العالم ببحاره ومحيطاته، وآلاف الرؤوس النووية، والصواريخ التي لا ترصد ولا تخطئ أهدافها، وهو الوحيد الذي يستطيع أن يستخدم ما أصبح بين يديه دون أن يحاسبه أحد.

ومن فينا لا يقر بذلك؟

الحقائق تخبر كل البشر بأن العبث مع الولايات المتحدة لا يجدي نفعاً، وتجعلهم يحسبون كلماتهم إذا تكلموا، يعدونها ويزنونها، ويقيسون أطوال مداها، ولم يستثمر بايدن ذلك الإرث الذي ملكه كما يجب، ولم يستخدم المكانة التي حصل عليها الاستخدام الأمثل، وأخذ فقط الكبرياء من بعض السلف من الرؤساء، الذين حفروا أسماءهم في صفحات التاريخ، ونسي أنه لن يكون نسخة من ترومان أو روزفلت أو ايزنهاور أو ريغان، واختلطت عليه الرؤية، فجمع في شخصه شدة الجمهوريين وتحايل الديمقراطيين، متناسياً تغيرات الزمن واختلاف من يواجههم، وعندما وضعته الظروف في زوايا ضيقة لم يجد أحداً يثق به، لا حلفاء الأمس، ولا الدول المنتجة للنفط، ولا أوروبا التابعة.

من كان ينادي بالاستغناء عن النفط الأجنبي، ومن كان يريد أن ينبذ دولاً، ويهمش دولاً أخرى، ويبتز من كانوا يحالفون بلاده، وينقل الخطر إلى أبواب المنافسين له، مثله لا يؤمن جانبه، ولا يوثق بكلامه إذا غير مواقفه.

درس منظمة «أوبك» يظهر بأن الفجوة التي صنعها بايدن في سنته الأولى لا يمكن أن تردم بسهولة، ومنه، من هذا الدرس نتعلم ونعتبر، فالقوة تضعف إذا استخدمت في غير محلها، والسلطة سلاح ذو حدين، قد تكون مفيدة لمن يملكها، وقد تكون مضرة، ليت كل من تجمعت القوة والسلطة في أيديهم يتعلمون من هذا الدرس المجاني، ولا يهدرون ما جمع في أيديهم.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

Back to top button