نون والقلم

عبد العزيز النحاس يكتب: أعظم انتصارات مصر

يبقى السادس من أكتوبر عام 1973 رمزًا للعزة والنصر والفخر، وقدرة المقاتل المصري على صنع المعجزات.. وتبقى حرب السادس من أكتوبر أعظم انتصارات مصر في التاريخ الحديث، ليس فقط لأنها دحرت العدو وأنهت الاحتلال واستعادت مصر سيناء الغالية.

ولكن لأنها غيرت كل النظريات والاستراتيجيات العسكرية التي كانت تؤكد استحالة قيام الجيش المصري بالوصول إلى الضفة الشرقية للقناة بسبب مانعين في آن واحد وهما المانع المائي لقناة السويس والثاني هو خط بارليف الذي أقامته إسرائيل بارتفاع هائل ونقاط حصينة على شاطئ القناة في الضفة الشرقية.

وإذا أضفنا إلى ذلك التفوق النوعي للسلاح الإسرائيلي الذي قدمته الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني لتجعل منه الجيش الذي لا يقهر، وكذلك الدعم الاستخباراتي والإعلامي والمعنوي، وجميعها كانت تشكل عوائق وضغوطًا شديدة على الجيش المصري، بخلاف الآثار النفسية بسبب هزيمة 67، وتدمير القوام الرئيسي لسلاح وعتاد الجيش المصري.. وجميعها عوامل رسخت لاستحالة قدرة الجيش المصري على خوض الحرب واستعادة سيناء.

وذهب المحللون العسكريون إلي أن مصر تحتاج إلى قنبلة نووية لتدمير خط بارليف وسنوات لإعادة بناء وتسليح الجيش المصري حتى نتمكن من خوض الحرب.

المؤكد أن تحقيق مصر المعجزة في السادس من أكتوبر، قد فاجأت العالم بأسره، وأكدت هذه المعركة أن سر الانتصار كان في عبقرية وشجاعة وقدرة المصريين بدءًا من السياسي العظيم الرئيس الراحل محمد أنور السادات ومرورًا بقادة وضباط القوات المسلحة، وانتهاءً بأصغر جندي في قواتنا المسلحة، وجميعنا يعلم البطولات الفذة التي سطرها جنود مصر البواسل ومواجهاتهم لعشرات ومئات الدبابات والمدرعات للعدو وتدميرها بسلاح صغير وهو آر بي جي.

وسجل التاريخ مئات البطولات الفردية إلى حد أن بعض الأبطال كان يحمل مفردًا فيها مدفعًا ويعبر به قناة السويس والساتر الترابي، كما أدهش نسور الجو المصرية العالم بضرباتهم الموجعة في عمق جبهات العدو، وجميعها بطولات غيرت استراتيجيات الحروب وتدرس الآن في الأكاديميات العسكرية، وتؤكد أن العنصر البشري والمقاتل المصري تفوق على كل الأسلحة الحديثة.

وكان العامل الرئيسي في تحقيق القوات المسلحة المصرية التفوق والنصر وتحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وإذاقته كل أشكال الذل في هذه المعركة التي أعادت لمصر والأمة العربية كرامتها وهيبتها.

يبقى السادس من أكتوبر خالدًا وراسخًا في الوجدان رسوخ الجبال برغم مرور 49 عامًا، باعتباره حدثًا عظيمًا عايشته لحظة بلحظة، وأنا في العاشرة من العمر، وكنت في الصف الرابع الابتدائي، وفوجئنا في هذا اليوم، بمرور ناظر المدرسة على الفصول لإنهاء اليوم الدراسي قبل موعده معلنًا قيام الحرب مع إسرائيل، وأسرعت بشدة إلى المنزل لوجود شقيقين لي في الحرب أحدهما ضابط احتياط والآخر عامل ووجدت والدي ووالدتي رحمهما الله أمام التليفزيون ويستمعان أيضًا إلى الراديو لمتابعة كل الأخبار، واستمرا على هذا الحال ليل نهار، ثم بدأت تأتي جثامين شهدائنا الأبطال، وكنا كصبية نشارك في تشييع الأبطال بالهتاف والتكبير للأبطال، وفي الليل نحمل مصابيح الإضاءة – الكلوب – خلال دفن جثامين الأبطال، ولم يكن هناك صوت يعلو فوق صوت المعركة في كل مناحي الحياة وكانت التكبيرات والدعاء لمصر والأبطال تهز أركان المساجد في كل صلاة، وكان استقبال الأبطال العائدين لا يوصف ويتوجهون أولا إلى منازل أسر الشهداء قبل منازلهم.. كل التحية والتقدير لقواتنا المسلحة الباسلة في يوم نصرها ورحم الله شهداءنا الأبطال وأنزلهم الفردوس الأعلى.

حمى الله مصر

نائب رئيس الوفد

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى