فوز اليمين المتطرّف في إيطاليا أحدث حالة استنفار قصوى في أوروبا، البعض توجّس، والبعض الآخر نبّه، والبعض الثالث حذّر وهدّد.
يقولون في الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، إن ما حدث في إيطاليا سيقلب الكثير من الطاولات، وقد يُحدث تغيّراً في المنجزات التي تحقّقت، وهم يقصدون كل ما هو خارج على المألوف في العلاقات البشرية، والتشريعات المخالفة للأخلاقيات التي بنيت مجتمعات أوروبا عليها، والتي يعتبرونها إنجازات يتفاخرون بها، ابتداءً من حق الإجهاض، وانتهاءً بجعل فئة منحرفة تتسيّد وتتصدّر الموقف الدولي.
أُطلقت الأسهم في اتجاه جورجيا ميلوني رئيسة الحزب الفائز بالانتخابات، اتهموها بالفاشية، ونبشوا تاريخها منذ الصبا وحتى الآن، وألصقوها عنوة بالزعيم الإيطالي موسوليني، الذي تحالف مع هتلر في الحرب العالمية الثانية، وقالوا إنها ستخرج إيطاليا من الاتحاد الأوروبي، وهذه كلها محاولات تشويه سمعة وإثارة خوف الإيطاليين والأوروبيين على حد سواء، ما يعني أن القوى الغربية الكبرى ستعمل جاهدة على إسقاط حكومة ميلوني بعد إفشال خططها وإيصالها إلى طرق مسدودة.
وميلوني لم تنطق بكلمة حتى الآن، تركت الآخرين يتكلمون، ويصمونها بما شاءوا، فهي اليوم تستند إلى أصوات الشعب الإيطالي، فهذه هي الديمقراطية، من يحصل على الأغلبية يحكم، دون النظر إلى خلفيته الاجتماعية وميوله السياسية، وأوروبا أو الغرب بشكل عام ملزمون بالاعتراف بما أنتجت صناديق الاقتراع، فالذين صوّتوا واختاروا اليمين المتطرّف وجّهوا رسالة شديدة اللهجة لأثرياء أوروبا، من تركوا بلادهم سنوات طويلة تقف على حافة الفقر، وما تفضّلوا عليها إلا ببعض الفتات!
الطليان هم الذين قالوا كلمتهم، ولأسباب عدة، كانت الكلمة قاسية، وعلى أوروبا واتحادها بعد الإفاقة من الصدمة أن تعيد حساباتها، وتوازن تصرّفاتها، فالعالم لا يمكن أن يختصر في قضية «المثلية» والإجهاض الكيفي وليس الضروري، فهذه الحملات التي طالت الجميع حملت طابع التطرّف، وكان الرد الإيطالي مواجهة التطرّف بتطرّف نحو اليمين.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية