أعتذر لكل الأصدقاء الذين سألوا وتابعوا واستفسروا أن مقالتي اليومية خلال الأسبوعين الماضيين لم تصلهم بانتظام، والسبب أن الواتس أب، تم شطبه من مصدره وكتبوا لي: «إنك غير ملتزم بالمعايير المرعية» واشتريت رقماً جديداً وواتس جديدا، وكانت مقالتي بالأمس، التي حملت عنوان «الحضور الفلسطيني لدى المستعمرة»، فتم إغلاق الواتس مرة أخرى بعد نصف ساعة من توزيعها، وكتبوا لي «غير مسموح لهذا الحساب استخدام واتساب، لأنه أرسل رسائل مزعجة وغير مرغوب بها»، وأغلقوه، وبعثوا برسالة أخرى تقول حرفياً «سيراجع فريق الدعم في واتساب معلومات حسابك والجهاز للتحقق من عدم وجود نشاط يتعارض مع شروط الخدمة الخاصة بنا»، والسبب أن مقالتي مزعجة غير مرغوب نشرها وتوزيعها عبر الواتس، وواضح أن أطرافاً مؤثرة نافذة لا يروق لها ما أكتب، وأن كلمة «المستعمرة» التي تحولت إلى كلمة دارجة لدى العديد من الكتاب والسياسيين، وخاصة في فلسطين، ولهذا دفعت الثمن بحجب مقالتي عن نشرها عبر الواتس أب!!.
أعود إلى مسلسل مضمون المقال، وفلسطينيي الداخل الذين صمدوا في بلدهم، في وطنهم، في فلسطين، في الجليل والكرمل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، في فلسطين المحتلة عام 1948، ثمانية مدن عربية فلسطينية بالكامل، خمسة مدن مختلطة بأغلبية إسرائيلية وأقلية فلسطينية، و58 قرية عربية، وسكانها يتجاوزون المليون ونصف المليون، بدون سكان القدس الشرقية والجولان، باتوا قوة انتخابية، مهما بدا عليهم الخلاف والتباين بين أحزابهم الثمانية وقياداتهم الطموحة، هم في خندق واحد من حيث المعاناة بسبب التمييز الواقع ضدهم من قبل سياسات المستعمرة وأجهزتها ومؤسساتها، وفي خندق واحد من حيث الطموح والتطلعات نحو المستقبل.
تجارب الائتلاف والانقسام قدمت لهم الخبرة والتجربة وهي:
أولاً أن الاحزاب الأربعة الممثلة بالكنيست، لا تملك القدرة على النجاح وحدها بدون التحالف والائتلاف، باستثناء الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة.
ثانياً ذكاء وحنكة الحركة العربية للتغيير التنظيم الأصغر، منذ أن وصل إلى عضوية الكنيست، تبدلت تحالفاته مع الأطراف الثلاثة: مرة مع التجمع، ومرة مع الجبهة، ومرة مع الحركة الإسلامية، ولكنه حافظ على موقعه بنائب أو نائبين، وهو الدرس الذي يجب أن تتعلمه القوى السياسية الأخرى.
ثالثاً كلما ارتقى أداء القوى السياسية في الاقتراب من التحالف والائتلاف فيما بينها، كلما كافأها شعبها بالدعم والانحياز، وكلما تفرقت وانقسمت ابتعد عنها شعبها وعاقبها.
رابعاً لقد أخفقت فيما بينها للوصول إلى القائمة الواحدة المشتركة أو على الأقل إلى قائمتين، حيث ترسخ ترشيحها لثلاث قوائم مما يشكل خطراً جداً على خروج وعدم نجاح قائمتين أو قائمة، مما يستدعي الجهد المضاعف وتوزيع المهام وتوصيل رسالة للجمهور الفلسطيني الناخب أنهم في خندق واحد من أجل حقوق شعبهم المعيشية، ومن أجل المساواة، وضد التمييز، ويتطلعون إلى أصوات شعبهم مع حرية الاختيار لأي من القوائم الثلاث.
الحضور الفلسطيني، في مناطق 48، وصموده وتماسكه وهو في قلب الوحش الهمجي العنصري، وفي مواجهته، ركيزة أساسية لمثلث النضال الفلسطيني مع نضال فلسطينيي الضفة والقدس والقطاع، ومع أفعال فلسطينيي اللجوء والشتات من أجل كسب الأشقاء والأصدقاء لصالح دعم صمود ونضال الشعب الفلسطيني في وطنه، ومن أجل حق اللاجئين في العودة إلى اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وطبريا وبيسان وبئر السبع، واستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها.
مكونات الشعب الفلسطيني الثلاثة ومثلث نضاله متعدد الأشكال والأدوات، يصب في مجرى واحد، وسيلة الانتخابات نحو الكنيست خيار ضروري لإبراز مكانة الفلسطينيين وحضورهم في وطنهم، وأنهم جزء لا يتجزأ من شعبهم مهما تلونت المعطيات وتبدلت الظروف وقست عليهم، فهم على الطريق الموصل نحو المساواة والاستقلال والعودة، ولا خيار آخر، ولن يكون.
نقلا عن صحيفة الدستور الأردنية
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية