هي ملكة العصر، ولن تتكرر، أحببناها أو لم نحبها، حزنّا عليها أو لم نحزن، فهي استثناء تاريخي.
إليزابيث الثانية جمعت قرنين هما الأهم في حياة البشر، فالعالم كان شيئاً مختلفاً في عام 1952 عن هذا العالم الذي نعيشه اليوم، وبريطانيا العظمى التي خرجت من الحرب العالمية الثانية منتصرة مع الحلفاء قبل سنوات من حكمها لم تعد عظمى، ولكن من تجلس على عرشها 70 عاماً جسدت عظمة حتى في موتها، وستظل تذكر لسنوات طويلة بما ميز حياتها المديدة.
نحن لسنا قضاة، ولا نملك حق محاسبة من انتقلوا من الحياة الدنيا، ولا نخوض فيما لا نعرف، ولا نشق الصدور لنطلع على الخفايا والنوايا، ولكننا ننظر إلى هذه السيدة التي رحلت نظرة الإنسان للإنسان، ونقيس أفعالها من خلال مهامها التي حملتها بكل ثقة، ويعجبنا صمودها رغم كل الظروف وتقلبات الدهر، ولا نذهب إلى حيث ذهب الجهلة، أولئك الذين يطرحون تساؤلات، ويشككون في كل شيء، ويحملونها وزر تصرفات لم تكن مسؤولة عنها، فهي الملكة التي تجمع أمة حولها، ولكنها لا تدير شؤون السياسة أو تتلاعب بخيوطها، ويكفيها أنها رحلت ومملكتها متماسكة، على عكس غيرها من الذين لم يقدروا على حماية أوطانهم، وقد رحل آخر رئيس للاتحاد السوفييتي قبلها بأيام، ولم يذكر بعد سطر وفاته بغير تركه لثاني قوة في العالم في مهب الريح!
اثنا عشر يوماً والعالم مشدود، منذ إعلان وفاة الملكة اليزابيث الثانية وحتى يوم جنازتها، مئات الملايين تابعوا البث المباشر الذي لم ينقطع، ومئات الألوف وقفوا في طوابير تمتد كيلومترات عدة، ينتظرون لحظة إلقاء نظرة على نعشها، و200 من قادة الدول وممثليها كانوا في لندن للمشاركة في مراسم الجنازة وتقديم العزاء، كل ذلك رأيناه، وكل ذلك يخبرنا بأن الملكة التي رحلت كانت عظيمة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية