لا أتصور أن هناك كائن من الكائنات التي خلقها الله عزوجل يسعى بسرعة الصوت في تدمير نفسه مثلما يسعى الإنسان، حيث يسابق الزمن في الإضرار بنفسه وبالأجيال القادمة، كما لو أن الأمراض والكوارث الطبيعية ليست بكافية حتى يخلق البشر أدوات تدمير بأنفسهم.
من أدوات الدمار التي تبيد القيم والأخلاق، والتي باتت كالسرطان الذي يتغلغل إلى داخل بيوتنا وكل ركن في حياتنا سرطان الإباحية وانتشار صور الإباحية والانحلال الجنسي بشتى السبل، عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والتي باتت كأنها وسائل دمار القيم الاجتماعية.
موقع «جست وان كليك أواي» وهو منصة جادة وموثقة خاصة بالجوانب الدينية والأخلاقية قام بنشر حقائق صادمة ملخصها أن 25% من عمليات البحث عبر الإنترنت هي بحث عن مواد إباحية، وفي كل ثانية يقوم 30,000 شخص بالبحث عن مواد إباحية، متوسط العمر لمن يروا مواد إباحية للمرة الأولى هو 9 سنوات، نعم أطفال عمرهم 9 سنوات يطلعون على مواد جنسية.
كما أن 90% من الأطفال ما بين 9 إلى 16 سنة قد اطلعوا بالفعل على مواد إباحية، كما أنه كل يوم يتم إرسال 2.5 مليار إيميل و5 مليار رسالة نصية تحتوي على مواد إباحية، ومن 20 إلى 30% من مشاهدي المواد الإباحية على الإنترنت هم من الأطفال.
أدت مشاهدة المواد الإباحية لزيادة حالات الخيانة الزوجية بنسبة 300%، كما أن 68% من حالات الطلاق كان أحد الزوجين مدمن مشاهدة المواد الإباحية.
الدراسة مركزة على الولايات المتحدة الأمريكية، ولا أدري إن كان هناك دراسات مشابهة في عالمنا العربي، لكننا لسنا بمعزل عن العالم، وما يحدث هناك قد يحدث هنا، فهل يتم مناقشة هذه القضية بطريقة عملية مع وضع التشريعات والإجراءات المناسبة من الناحية التقنية لتقليل فرص وصول تلك المواد المسرطنة لأطفالنا وللجميع.
فحتى رجال الدين في الولايات المتحدة يشاهد 30% منهم تلك المواد الهدامة (التقرير متاح أونلاين لمن يرغب في الاطلاع على التفاصيل)، هل نتكاتف جميعاً وباشتراك كافة الأطراف من العلماء والمفكرين والآباء والأطفال لتدارس الأمر والوقوف على طرق العلاج والوقاية الملائمة.
إن استعادة القيم الأخلاقية والتشبث بتعاليم الدين والخوف من الله عز وجل هم السبيل للخروج من تلك المآزق التي تمر بها البشرية، ولكن الكلام النظري والخطب الرنانة لا تكفي، لابد من دراسات على أسس علمية ولابد من سن قوانين وإجراءات وأساليب للوقاية.
لازال هناك أمل ولكن الوقت يمر، وجيل الآباء الحالي قد يكون آخر الأجيال التي لديها قدر من الحكمة والرصانة والصبر في معالجة الأمور، فالأجيال القادمة لديها أكواماً من المشكلات والتحديات، سواء التحديات الأخلاقية أو حتى تحديات الوجود ذاته، فالكوكب يعاني الأمرين من التغير المناخي وندرة الموارد.
لا أريد أن أعطي صورة قاتمة أو متشائمة ولكن التفاؤل فقط ليس هو الحل، نعم التفاؤل مطلوب. ولكن مقروناً بالعمل الجاد مع استشراف المستقبل وتحدياته والتعامل معها بحكمة وجدية وبطرق علمية فعالة. فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَٰفِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّٰحِمِينَ..
alaagarad@gmail.com
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية