تعثّرت عملية إنعاش الاتفاق النووي، وجهات النظر أصبحت متضاربة، ومواقف الأطراف متباعدة، فالنوايا السيئة سيطرت على المباحثات، والابتزاز المتبادل جعل الاتفاق شبه مستحيل.
الأوروبيون دفعوا مفاوضات فيينا بكل قواهم نحو النجاح، ولم يفلحوا، فهم ينظرون إلى عودة إيران طود إنقاذ لهم بعد أزمة الطاقة الناتجة عن الحرب في أوكرانيا، وحالة الاقتصاد التي لا تبشّر بالخير، وقد رأوا في زيادة إنتاج النفط والغاز الإيراني منقذاً يمكن أن يخرجهم من ورطتهم واندفاعهم خلف خطط العقوبات ضد روسيا، وكانوا يمنون النفس بصفقات تطوير حقول النفط، وتجديد أساطيل الطيران والبنية التحتية، معتقدين بأن تلك الصفقات ستكون من نصيبهم في الغالب.
وإدارة بايدن غيّرت مفاهيمها تجاه المنطقة بعد سنة من الجفاء، وبدأت تتنبه إلى مواقفها التي جاءت رداً على سياسة دونالد ترامب، وليس بناء على مصالح بلادها العليا، وتراجعت عن التخلّي دون أسباب واضحة عن حلفائها الاستراتيجيين، ووصلت إلى قناعة تامة بأن الاتفاق المنسوخ من ذلك الذي أبرمه أوباما سيئ!
رئيس وزراء إسرائيل يقول إنه نجح في وقف الاتفاق، فهو مقبل على انتخابات، وهذه ورقة قد ترفع من أسهمه ويستمر في الواجهة، مع أن تصريحه الأخير يجانب الحقيقة، فالذي يحدث في فيينا والكواليس الخلفية لا يستند على الموقف الإسرائيلي فقط، فإذا كانت لديهم شروط ومطالب وملاحظات، وتحرّكوا على ضوئها، فإن دول الخليج أيضاً لها مطالب.
وكانت واضحة منذ البداية، وقد سمعها بايدن في قمة الرياض، وأوّلها وضوح الموقف الإيراني من «تخصيب اليورانيوم» وعدم إدخال المنطقة في سباق تسلّح نووي، وثانيها احترام دول الجوار ووقف التدخّل في شؤونها، والتوقّف عن التمدّد وزرع الأعوان والأتباع في المنطقة ونشر الفوضى.
مفهوم الهيمنة هو الذي أفشل إعادة إحياء الاتفاق النووي، والأيادي مازالت ممدودة إذا تغيّرت تلك النظرة، وتحوّلت إلى التعاون والشراكة في البناء وليس الهدم.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية