الأصل في التعليم هو المجانية منذ أصر الدكتور طه حسين أفضل من تولى حقيبة التعليم في مصر، أن العلم يجب أن يكون كالماء والهواء لكل المصريين.. أي أنه حق مكتسب للحياة بأدوات لا تكلف مستخدمها إلا الاجتهاد فقط حتى يتفوق على أقرانه في أي مستوى من مستويات المراحل التعليمية.
وكانت البداية خلال تولي أحمد نجيب الهلالي وزارة المعارف حيث عمل مع عميد الأدب العربي على مجانية التعليم الأولى، والتي صدقت عليها الحكومة للعام الدراسي 1943 -.1944.
ولم يكتف الدكتور طه حسين بالمكاسب التي حققها في مجانية التعليم، وعند تعيينه وزيرا للمعارف في يناير عام 1950 في حكومة النحاس باشا، أصر على أنه لن يقبل الوزارة إلا إذا تم استكمال مشروع مجانية التعليم ليشمل مجانية التعليم الثانوي.
العسومي يُؤكد أهمية تكثيف الجهود لمحو الأمية والارتقاء بمنظومة التعليم
وتمكن من تطبيق مقولته الشهيرة ونفذ سياسة التعليم المجاني للتعليم الثانوي والتعليم الفني، ودعم إنشاء منظومة تعليمية قوية تنافس مستويات التعليم الأوروبية، ووصل الأمر لتعاقد طه حسين مع أساتذة من فرنسا وإنجلترا لتعليم الطلبة اللغتين الفرنسية والإنجليزية بمستوي رفيع.
ومع سياسة الانفتاح التي تبناها الرئيس الراحل أنور السادات بعد حرب أكتوبر، نال الاستثمار في التعليم حظًا منها، وتم افتتاح العديد من المدارس التي تدرس نفس مناهج التعليم الحكومي بمصروفات «المدارس الخاصة»، وتطورت فكرة الاستثمار في التعليم إلى افتتاح رجال الأعمال عدد من المدارس تدرس كافة المواد باللغة الإنجليزية بمصروفات مرتفعة «مدارس اللغات».
ودخلت الحكومة في منتصف السبعينيات دائرة المنافسة فأنشأت المدارس الحكومية بمصروفات «المدارس التجريبية».
مجدي حلمي يكتب: من وراء الحملة على مصر؟
وبعد سنوات من تولي الرئيس الراحل حسني مبارك وفي بداية التسعينيات زادت مساهمة رجال الأعمال في الاستثمار في مدارس اللغات، وتتوالى التطورات مع بداية الألفية لافتتاح المدارس الدولية في مصر الأمريكية والفرنسية والألمانية والبريطانية والكندية، وغيرها.
ولم يتوقف الأمر عند المرحلة الثانوية حيث اتجهت استثمارات رجال الأعمال لإنشاء العديد من الجامعات الخاصة لتكون طوق النجاة لأولئك الطلاب الذين تحطمت أحلامهم على أبواب مكتب التنسيق وأعتاب الجامعات الحكومية.
رضا هلال يكتب: الجامعات الخاصة من الرسالة السامية إلى البيزنس
وتكبد أولياء الأمور العديد من المعاناة لإنقاذ مستقبل أولاهم، وسرعان ما عرفت الجامعات الأجنبية طريقها لمصر وفتحت فروعًا لها لتدخل المنافسة التي اشتعلت بين الحكومي والخاص والأجنبي للسطو على ما في جيوب المصريين، بمصروفات اقتربت من الربع مليون جنيه سنويا في بعض الجامعات أو ما يعادلها بالعملة الصعبة.
وسرعان ما دخلت الحكومة على الخط بإنشاء الجامعات الأهلية والأهلية الخاصة وتوسعت في إنشائها بمصروفات تنافسية لتنال نصيبها من الكحكة.
سامي أبو العز يكتب: الثانوية العامة في بلد العجائب
باختصار.. التعليم في مصر بات مرهق جدًا لأولياء الأمور الذين يتحملون مالا يطيقون من نفقات مادية لتعليم أولادهم والدروس الخصوصية، وأصبحت نفقات التعليم تحتل المرتبة الأولى من مخصصات المصريين سنويا متقدمة على العلاج وكافة النفقات المعيشية.. بعدما تحول التعليم من المجانية إلى الدولار وبات حق مكتسب لمن يملك.. أما الفقراء فإنهم يمتنعون ولا عزاء للمصريين.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية