نون لايت

ننشر الجزء ثاني من رواية «الأحلام والواقع» للإعلامية التونسية فريهان طايع

ينشر موقع «نون» على مدار حلقات متوالية رواية الأحلام والواقع للكاتبة التونسية فريهان طايع، والتي صدرت بالأسواق التونسية مؤخرا

الجزء الثاني

انصدمت يارا وقالت

أوهام يا أمي!!!!!

هل أبسط أحلامي في نظرك أوهام؟؟؟؟

هل التعليم يا أمي في نظرك أوهام؟؟؟؟

هل كرامتي قي نظرك أوهام؟؟؟؟

أنا لا أفهمك وأكاد أجن مما أسمع

أشعر أنني في كابوس حقيقي

وكأنني دفنت في المقبرة هذه الليلة وعلى يديك يا أمي

لأول مرة أشعر أنك لا تشعرين بي وأن بيننا كل هذه المسافات والحواجز والأميال، أنا لا أصدق لا أستطيع حتى أن أصدق ما أسمع، أتمنى أن يكون مجرد حلم مزعج، أن يكون مجرد كابوس، لكنها الحقيقة التي أراها وأسمعها والمصيبة أنها من أمي وليس من غريب.

صرخت الأم وقالت: «لا أريد الجدال في هذا الموضوع قررنا وانتهى الأمر من الغد لا توجد مدرسة وسوف تستعدين لزواجك».

مرت الأيام والأسابيع ويارا رهينة الحزن والأسى

رهينة الخذلان وخيبة الظن

رهينة وجع وجرح ينزف

كانت تنظر لنجوم وهي شاردة بالساعات، لم تجد حل واحد يخلصها من هذه الورطة واللعنة التي حلت عليها .

قالت لنفسها أنا حالي يشبه ما قاله طارق ابن زياد، « البحر أمامكم والعدو ورائكم»، ولا يوجد أمامي أي طريق يخلصني ولا أي سبيل لنجاة، أنا مثل السمكة التي خرجت من الماء لتموت في نفس الثانية .

ماذا سأفعل وماذا عساني أن أفعل

يا إلهي سوف أفقد عقلي وصوابي

لو رفضت سوف يطردنا وسيم وسوف يموت أهلي من الجوع

ماذا عساني أن أفعل

سوف أقدم نفسي لهذه المجزرة وليحدث ما يحدث

ليس لي خيار ثالث .

كانت تخاطب نفسها وتجيب مثل المجانين وكأنها تخاطب جدران البيت التي لا تسمع .

مرت الأيام ويارا على تلك الحالة واتخذت يارا قرار بالزواج بوسيم.

تركت يارا المدرسة مثلما قررت عائلتها وكانت تنزف مثل الطائر المجروح، كانت تشتاق للمدرسة وللدفاتر وللأقلام والمعلمة جنى التي كانت تحبها جدا .

حتى جنى كثيرا ما كانت تسأل عن يارا زملائها وكانت خائفة أن يكون قد أصابها مكروه، طلبت عنوان بيتها من مدير المدرسة وقررت أن تزورها لتطمئن عليها.

ما إن وصلت إلى منزل يارا، لم تكن تظنه بسيط لتلك الدرجة التي لم يتخيلها عقلها لبرهة واحدة شعرت بالحزن بداخلها تجاه يارا وفي الآن نفسه شعرت أنها فخورة بطفلة تعاني الحرمان من كل شيء لكنها ذكية ومجتهدة وتواجه في كل مصاعب الحياة بقوة لا يتحملها سنها.

تواجه يوميا عناء الفقر ومشقة الطريق وأحوال الجو المتردية بكل تفاؤل وطاقة إيجابية، كم تنبأت لها بمستقبل جيد، كم شعرت بالفخر بها .

كانت رمز الطفلة المثالية، قدوة لبنات جيلها، ومثل يحتذى به في الانضباط

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى