يصف يوئيل جو جنسكي، مسؤول سابق عن ملف إيران لدى هيئة الأمن القومي للمستعمرة الإسرائيلية، وباحث في معهد الأمن القومي، المشهد السياسي السائد عشية توقيع الاتفاق النووي مع إيران بقوله:
«الاتفاق المتبلور سيئ، لكنه أهون الشرور، ولا أرى بديلاً عنه في شكل عمل عسكري، إسرائيل (المستعمرة) تريد، ولكن ليس مؤكداً أنها تستطيع، والولايات المتحدة تستطيع، لكنها لا تريد».
إدارة أوباما توصلت إلى تفاهم مع طهران، وتم التوقيع على الاتفاق النووي في تموز 2015، وانسحبت منه إدارة ترامب، وها هي إدارة بايدن ستعود إليه، رغم عدم رضى المستعمرة، مما يعكس وجود مصالح أميركية تفوق مصلحتها مع تل أبيب، رغم التحالف بينهما، ورغم النفوذ اليهودي الصهيوني الإسرائيلي على مؤسسات صنع القرار في واشنطن، وهو استخلاص على العرب أن يفهموه ويستوعبوا درسه وتبعاته.
روسيا اجتاحت أوكرانيا في شهر شباط 2022، ولم تتمكن واشنطن من التدخل العملي الفعلي، رغم ما تقدمه من مساعدات لأوكرانيا بهدف إطالة زمن الحرب والاستنزاف لروسيا، ادراكاً من الإدارة الأميركية أن نتائج الاجتياح الروسي سيؤدي إلى تغيير معطيات المشهد السياسي الدولي وواقعه الذي تبلور منذ هزيمة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي مع نهاية الحرب الباردة عام 1990.
روسيا تعمل من أجل مصالحها في أوكرانيا، ولكن ما تتطلع إليه هو إلغاء نتائج الحرب الباردة، وإنهاء سيطرة القطب الواحد على السياسة الدولية، والعودة إلى نظام القطبين: الأول الولايات المتحدة ومن معها خاصة بريطانيا والمستعمرة، والثاني روسيا والصين، ولكن المعطيات ستؤدي إلى ولادة القطب الثالث ممثلاً بالمعسكر الأوروبي بقيادة ألمانيا وفرنسا.
ألمانيا تملك القدرة الاقتصادية فهي ثالث دولة قوية اقتصادياً في العالم بعد الولايات المتحدة والصين، وتملك القدرة السياسية الأولى في قيادة أوروبا، وفي 1/1/2025، ستنتهي فترة العقوبات المفروضة عليها منذ هزيمتها مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد رصدت مائة مليار يورو كدفعة أولى لبناء جيشها، وبذلك ستملك القدرات الثلاثة: الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وحصيلة ذلك أنها لن تقبل استمرار هيمنة الولايات المتحدة وسياستها على ألمانيا وأوروبا، ويبرز دورها كقطب ثالث.
حصيلة ذلك تطور جوهري في الوضع السياسي الدولي، على العرب أن يدركوه ويعملوا على تطوير حضورهم مع هذه المتغيرات المتوقعة، وفي طليعتها تراجع الهيمنة الإسرائيلية المدعومة من قبل الولايات المتحدة.
المستعمرة الإسرائيلية ليست قدراً سيبقى مسلطاً على أرض العرب يسلب كرامتهم ويتطاول على أقدس مقدساتهم لدى المسجد الإبراهيمي في الخليل، والحرم القدسي الشريف – المسجد الأقصى في القدس، وعلى قدسية كنائسهم الثلاث:
1-القيامة في القدس
2-المهد في بيت لحم
3-والبشارة في الناصرة.
كما وقعت التحولات العميقة في نتائج الحرب العالمية الأولى 1917، ونتائج الحرب العالمية الثانية 1945، ونتائج الحرب الباردة 1990،ستكون تطورات مختلفة حصيلة استعادة روسيا لمكانتها ودورها مع الصين، وإيران مع الاتفاق النووي، وتراجع مكانة ونفوذ المعسكر الأميركي الإسرائيلي، حصيلة سيجني العرب نتائجها لصالحهم إذا اجادوا الاختيار وانتقاء الأولويات بدون الاعتماد على تحالفهم الأحادي مع واشنطن.
نقلا عن صحيفة الدستور الأردنية
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية