السعودية.. الجمعيات والبنوك بوابة لتجفيف منابع “الإرهاب”
تولي المملكة العربية السعودية اهتماماً كبيراً بملف محاربة “الإرهاب” وتجفيف منابعه، وسط ارتفاع معدل العمليات “الإرهابية” على المنشآت الحيوية وأماكن ودور العبادة، حيث تظهر الإحصائية التي تنشرها وزارة الداخلية وتقارير سابقة تنامي الظاهرة في داخل المملكة.
وفي المقابل، كثفت السلطات حملاتها الأمنية التي أسفرت عن إلقاء القبض على عدد كبير من العناصر “الإرهابية” والتكفيرية المتطرفة وما يعرف بـ”الفئة الضالة”.
وتشن السلطات السعودية باستمرار حملات أمنية واسعة لاعتقال المتورطين والمشتبه بهم في العمليات الإرهابية في المملكة، حيث عرضت وزارة الداخلية السعودية، في تعميم لها وزع على قطاعاتها، العام الماضي، مكافآت مالية يصل مجموعها إلى 13 مليون ريال سعودي (نحو 3.4 ملايين دولار)، لكل مُبلّغ يؤدي إلى تمكين الأجهزة الأمنية من القبض على مطلوب أو مطلوبين أو إحباط عمل “إرهابي” مزمع تنفيذه، كما أنشأت “وحدة للتحريات المالية” للتعامل مع قضايا تمويل الإرهاب وغسل الأموال.
وفي مساعيها المستمرة لمحاربة “الإرهاب” وتجفيف منابعه، أقدمت السلطات الأمنية في المملكة العربية السعودية مؤخراً على مراقبة أكثر من 2250 حساباً مصرفياً، والموارد المالية لـ2000 جمعية ومؤسسة خيرية وغير ربحية، ضمن مشاريع وبرامج أطلقت مؤخراً تهدف إلى تجفيف منابع وتمويل الجماعات الإرهابية وغسل الأموال من داخل وخارج المملكة.
الإدارة العامة للتحريات المالية في وزارة الداخلية السعودية، كشفت في تقرير لها نشر الخميس عن مراقبة 2285 حساباً مصرفياً؛ للاشتباه في استخدامها في عمليات غسل أموال أو تمويل الإرهاب، إذ تلقت الإدارة 2240 بلاغاً عن حالات اشتباه في جرائم غسل أموال، أحالت 136 منها إلى التحقيق، وتقدمت بطلبات كشف 505 حسابات مصرفية، فيما تلقت 188 طلباً دولياً للحصول على معلومات عن حالات اشتباه في عمليات تمويل إرهاب لحسابات مصرفية داخل السعودية وغسل أموال.
وتتلخص مهمة الإدارة العامة للتحريات المالية في وزارة الداخلية السعودية (مقرها الرئيس مدينة الرياض) الأساسية في تلقي البلاغات عن المعاملات المالية المشبوهة وتحليلها وإعداد التقارير عنها، وإحالتها إلى الجهات المختصة، كما تتبادل المعلومات مع الجهات المعنية داخل المملكة وخارجها؛ لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وتعتبر الإدارة العامة للتحريات المالية، التي ترتبط رسمياً بولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، أن البطالة “بيئة حاضنة للإرهاب”.
وطالما نفت المملكة بعض المزاعم التي تتهمها بعدم بذل الجهد الكافي لوقف تمويل الجماعات الإرهابية.
وأوضحت “التحريات المالية” وفقاً للتقرير المنشور، أن 88% من البلاغات التي تلقتها هي عن جرائم غسل الأموال، فيما وصلت نسبة بلاغات جرائم تمويل الإرهاب 61% وردت من مؤسسات مالية، في حين أن 31% من البلاغات عن جرائم تمويل الإرهاب وردت من مواطنين ومقيمين.
وأكدت الإدارة العامة للتحريات المالية في وزارة الداخلية السعودية التي تهتم بتلقي ومعالجة البلاغات المتعلقة في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أنها تقدمت بـ82 طلباً دولياً للحصول على معلومات لحالات اشتباه في عمليات غسل أموال، و6 طلبات دولية للحصول على معلومات لحالات اشتباه في عمليات تمويل الإرهاب، كما نظر القضاء السعودي في 975 قضية عن تمويل الإرهاب، و8 قضايا متعلقة في غسل الأموال.
وفي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في السعودية، كشفت مصادر لـ”الاقتصادية” السعودية عن طرح الوزارة قريباً مشروع مراقبة الموارد المالية لـ2000 جمعية ومؤسسة خيرية وغير ربحية، بـ”صرامة”، والتعرف بشكل دقيق على المستحقين للدعم، وضبط المصروفات، ومحاسبة المتلاعبين والمقصرين، من خلال الربط التقني بين الجمعيات الخيرية وعدد من الجهات الحكومية والخاصة في المملكة.
والمشروع الجديد الذي تعكف الوزارة عليه مع مركز التميز لتطوير المؤسسات غير الربحية، هو إحدى المبادرات التي تهدف إلى إحداث نقلة نوعية في العمل الخيري والمؤسسات القائمة عليه، ويقوم على ثلاثة مسارات؛ يتعلق الأول بتصنيف وتقييم الجمعيات الخيرية، والثاني بتعزيز الحوكمة والشفافية والمساءلة، فيما يتمثل الثالث في مراقبة برامج ومنتجات تلك الجمعيات ونتائج تلك البرامج عبر نظام تصنيفي متطور، حيث يلزم المشروع الجمعيات الخيرية بإصدار قوائم مالية محكمة، وفق معايير مالية محددة، ومراجعة القوائم من قبل الوزارة والجهات المختصة، ويتم محاسبة ومساءلة الجمعيات وفقاً للمعلومات التي ترد في تلك القوائم.
ويرمي المشروع إلى جملة من الأهداف أهمها إعادة هيكلة الجمعيات والمؤسسات الخيرية ودعم أعمالها التي ستصب في مصلحة المستفيدين وتعزز العمل الخيري، إلى جانب دعم الحوكمة والمساءلة، والدقة في البيانات المالية، كما يتم من خلال المشروع الجديد توحيد قائمة بيانات الجمعيات الخيرية عبر الربط الإلكتروني مع عديد من الجهات في سبيل منع أي تحايل على الجمعيات والتعرف على المستحقين بشكل أكبر.
وتقع مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب على عاتق المصارف أولاً قبل الأجهزة الأمنية، وفقاً لوحدات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المصارف والمؤسسات المالية العربية، التي شددت على ضرورة “التدقيق أكثر من المصارف في معاملات العملاء، وترسيخ التعاون بين المصارف والقوى الأمنية الموكلة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب عبر تحديث التشريعات”.