إلى أبي يوم مولده.. إلى بركان الحنان الثائر، النعيم وأنا الفقيرة دونه، إلى أمير القلب أكتب، ولنبراس الطريق أُشيد، ولتاجِ الرأسِ أُهنئ، إلى النسيم الذي يُلطّف واقعي، لأجله أرّتب كلماتي لأصوغ منها ما يليق بوصفك وإن جف مِداد حبري.. كل عامٍ وخمسيني العُمر، وعِشريني الصداقة، وثلاثيني القُرب بكل خيرٍ.
أوجه رسالة لمن زرع في وإخوتي الجمال والأخلاق والحب وكل ما هو طيّب، فحصد فينا ما تقرّ عيناه، إلى من روى ظمأ روحي حتى الإشباع، مَدينةٌ لك بكل ما أنا عليه، تعلّمت منك كل ما هو جميل، تعلمت التحاور والتجاوز والاحتواء والسعي والصبر وتكرار المحاولة.
أتدري يا أبتي أنني أحكي للجميع عنك – القريب والغريب- وعيناي تتلهف للحكي، فتتسابق العبارات وتتزاحم المواقف.. حينها لا يمل حديثي ولا تكفيني ما تحويه المجلدات، دائمًا ما تترك لي كل طيّب فلا يكفيك حلو الحديث وإن كثر وجميل الثناء وإن عظم.. ما لمست شيئًا بيدك إلا ونما فما حالنا نحن أبناءك.. فيدك كيدِ الربيع إذا مسّت أرضًا بورًا أذهبت قُبحها وأزهرت فيها جميلَ الأزاهر.
أعترف بأنني لا تضيق بي ضائقة وأنت معي.. دائمًا ما أهمس لنفسي بين الفيْنة والأخرى: «لا بأسَ.. سيُطيّبني أبي» وكُلّي يقين بأنني حتمًا سأتعافى ليس فقط بنصائحك بل بقُربك، أبادر بالنهوضِ مهما تكالبت عليّ المواجع فلا أنحني أمامَ الظروف.. أنا أتكئ عليك بكل عزمي فأقف كالأسد في وجه الصعاب أو كالطودِ الأشَمِّ أمام المِحَن وإن اشتدت شوكتُها.. فأنت الغيمة التي نستظل بظلها فتحمينا وتروينا بمطر الحب والحنان.
أنت حياة بينما الكونُ من حولك غارقٌ في فناءٍ كالعدم، لم أبالغ إن خصصتك دون كلِّ الآباءِ، أراك رجلًا في زمنٍ عزَّ فيه الرجال، لا بل بطلًا من الأبطال، وربما لم تكن بشرًا كسائر البشر، فصفات كصفاتك من النادر أن تجتمع إلا في ملاك لم يقترف ذنبًا ولم يعرف عيبًا! دائمًا ما تردد على مسامعي أن «من توكَّلَ على اللَّهِ كفاه، ومن لاذَ به آواه، ومن دعاه لبَّاه». فتُثلج بي صدري ويهدأ أيمّا هدوء..
كلّ عامٍ وأنت بخير، كلّ عامٍ وأنت معنا، ولا حرمنا اللهُ من وجودك ولا من رقة قلبك ودماثة أخلاقك، وعرفان فضلك وأسأل اللهَ جل في علاه أن يُطيل عمرك ويُحسِنَ عَملك..
دُمت لنا سندًا لا يميل.. ابنتك الممتنة دائمًا إلى أحن أب
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا