يفترض أن يحدث تغيير كبير في تركيبة مؤسسات الدولة وعملها فيما لو قرأت الوزارة الجديدة حالة الدولة اليوم كثوب مهلهل ممتلئ بثقوب لا بدّ من إصلاحها، بدلاً من الاستسلام لمقولات «الشقّ عود»، و «عمرها ما ترقع»، وإذا لم يتم هذا التغيير اليوم، باستغلال رواج سعر برميل النفط الوقتي، فلن يمكن فعل شيء غداً مع حتمية هبوط أسعاره، ودخول الدولة في متاهات الديون الخارجية والتزاماتها في الداخل.
رؤية كسينجر كأحد أهم رواد مدرسة فلسفة الواقعية السياسية في كتاب سيرته مع القادة؛ وهُم أديناور، وديغول، ونيكسون، والسادات، وتاتشر، ولي كوان هو (أعتذر عن خطأ حشر اسمَي أيزنهاور وتشرشل في مقال سابق) بمنزلة نصائح يمكن الاسترشاد بها أياً كان موقفنا من شخصية كسينجر إبان فترة عمله مستشاراً أولاً، ثم وزيراً للخارجية الأميركية فيما بعد.
فهو يرى أن من مهمة القيادة أن تكون معلّمة وملهمة لشعوبها، فواجبها إزالة أيّ شكوك في أهدافها الإصلاحية، وعليها حشد الدعم من شعبها، وعليه، فإن اختيار أشخاص الوزراء والمستشارين مسألة ضرورية ليكون هؤلاء وصلة القيادة مع الناس.
الدولة تحتكر العنف، وهذا ليس كافياً لإحداث التغيير الإصلاحي، فاختيار ما نسمّيه بلغة شعبية «البطانة الصالحة» ضرورة لا يمكن صرف النظر عنها، فالقادة الجيدون يحرّكون في شعوبهم الرغبة في السير لجانبهم، و«البطانة» السياسية النزيهة هي التي تستلهم رؤية القائد وتعينه في مشوار التغيير.
ما يروّج إعلامياً هذه الأيام من أن الشيخ د. محمد صباح السالم كرئيس للوزارة الجديدة يطالب بأن يكون اختيار الوزراء الذين سيعملون معه بمعرفته وموافقته، مسألة تتفق مع حُكم العقل، فقد سئمنا من سوابق مرّة عن وزراء ومسؤولين جعلوا من شغلهم الشاغل نصب المصائد لزملائهم، وحشر العمل السياسي في مؤامرات تصفية حساباتهم الخاصة المريضة على حساب مستقبل الدولة، فهنا يستحيل على القائد السياسي العمل لإصلاح حال الدولة في تلك الأجواء الفاسدة.
وكما ذكرت في مقال أمس الأول أنه طريق مُضنٍ ومُنهك في مشوار رئيس الوزراء، لكن لا بدّ من طرقه، فليس أمامه ولا أمام مؤسسة الحكم خيار آخر.
نقلا عن صحيفة الجريدة الكويتية
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية