بعد آلاف القتلى ودمار المدن والموانئ والمصانع ونزوح عدّة ملايين، وبعد الإخلال بصادرات القمح وإحداث نقص عالمي في أحد أهم العناصر الغذائية للبشر، خرجت روسيا بتصريح غريب وعجيب لرئيسها، مفاده أن روسيا لم تبدأ «مهام جدية» حتى الآن في أوكرانيا.
فهل يعني مثل هذا الكلام أن روسيا كانت طوال الأسابيع الماضية تمزح؟!
وهل حالة الاستنفار الأمريكية والأوروبية كانت فصلاً من فصول لعبة يلعبونها مع روسيا؟!
بكل تأكيد يعرف العالم أن روسيا تملك أسلحة وقوة قتالية قادرة على «مسح أوكرانيا من الخريطة»، وفي الوقت نفسه يعرف جيداً أن الإفراط في استخدام القوة ضد دولة صغيرة وإمكاناتها ضعيفة، قد يؤدي إلى تدخل قوى كبرى تملك أسلحة متفوقة ومدمّرة، وقد تتسع رقعة الحرب ولا يكون هناك من يسيطر على مجرياتها، ومع ذلك لم يكن «بوتين» يمازح «زيلينسكي» رئيس أوكرانيا، بل أراد أن يؤدبه لأنه رفض الخضوع لمطالبه بالحياد، فتحداه، وبدأ يفاوض ويطالب بقبول عضوية بلاده في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، وكان التحريض الأوروبي والأمريكي قد وصل إلى أعلى مستوياته، وكان الرهان معقوداً على عدم تجرؤ «بوتين» باتخاذ قرار «الغزو»، وكانوا مخطئين في تقديراتهم، ومتردّدين في استعداداتهم، فكانت الأحداث التي تبعت دخول أول فرقة عسكرية الأراضي الأوكرانية جدية إلى درجة جعلت حالة الاضطراب تعم الجميع.
هي حرب، لها ضحايا، ولها تبعات، صوتها يُسمع في كل مكان، نتج عنها ما نشهده اليوم من تداعيات، وما زال الباب مفتوحاً، خاصة بالنسبة لأوروبا التي تنتظر صدور قرار الرئيس الروسي بوقف إمدادات الغاز، فإن حدث ذلك حلت الكارثة على أوروبا، ودخل الجميع في حالة ركود قد يوصل دولاً ومناطق إلى حد المجاعة مع توقف المصانع ومحطات الكهرباء والماء عن العمل.
جدية بوتين قد تتبعها جدية غربية، ويَلحق العالم دمار لا يقارن بأي زمن من الأزمان.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية