نون والقلم

محمد يوسف يكتب: صراع الديوك

تداعيات الأزمة الأوكرانية تتصاعد، أثرها بلغ العالم كله، رغم كل ما قيل من خبراء السياسة والاقتصاد والعسكرية، فهؤلاء جميعاً أثبتوا أنهم فاشلون في توقعاتهم واستنتاجاتهم.

الاضطرابات عمّت القارات، سريلانكا كانت مقدمة الأحداث في آسيا، وما حدث فيها يقدم صورة سوداوية لما يمكن أن تشهده دول كثيرة تعيش أوضاعاً شبيهة بالوضع السريلانكي الذي وصل إلى إسقاط الدولة برئيسها ورئيس وزرائها، عقاباً لهما على إيصال الأمور إلى حافة الإفلاس للدولة التي كانت مستقرة منذ سنوات طويلة، والآتي في آسيا سيكون أشد خطورة، فليس كل أصحاب السلطة في الدول النامية مستعدين للهرب عبر سفينة أو مروحية، بعضهم قد يحول الاحتجاجات إلى مذابح.

وفي أمريكا اللاتينية خرجت المسيرات المطالبة بوقف ارتفاع الأسعار وتدهور الأوضاع الاقتصادية في الأرجنتين، ومتوقع أن تتبعها دول أخرى، وفي أوروبا كانت المسيرات تطالب برحيل رئيس الحكومة الإيطالية ومن معه، وبريطانيا العظمى التي تعهدت بعدم سقوط أوكرانيا في يد الروس سقط رئيس وزرائها، تخلى عنه أتباعه، رفعوا أيديهم عنه حتى يتحمل نتيجة إدارته ولا يسحبهم إلى الهاوية، والجنيه الإسترليني يتداعى، والركود يكشّر عن أنيابه، والأسعار تتصاعد، والأعمال تتوقف، وأوروبا تتحسّر يومياً على قيمة اليورو، الذي بدأ يلامس سعر الدولار.

وليس مستغرباً لو هبط إلى الأدنى ليزيد تأزم الناس هناك وتمتلئ الشوارع في العواصم المرفهة سابقاً بمئات الألوف من المطالبين بإسقاط الفاشلين.

والولايات المتحدة لم تسلم من تلك التداعيات، رغم أنها ما زالت تكابر، وتعتبر نفسها منتصرة في أوكرانيا لأنها لم تسقط طوال فترة العدوان الروسي، لكنها في الوقت نفسه تقول إن الركود الاقتصادي على الأبواب، والروس أيضاً يعانون من نقص ملحوظ في احتياجاتهم، ومن القوة الشرائية المنخفضة لديهم. عالم يذهب ضحية صراع خفي يستخدم فيه الغير حطباً لإشعال النار، والهدف إثبات أي «الديوك» هو الأقوى، حتى لو احترق الجميع، فالمهم لديهم أن تخرج الولايات المتحدة وروسيا بأقل الخسائر.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t   F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى