بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية يصل إلى الرياض الأسبوع القادم في زيارة غاية في الأهمية وتحمل العشرات من الدلالات فهو يأتي صاغرا يجر أذيال الخيبة لأنه أعلن أثناء حملته الانتخابية.
وفي بداية حكمه العداء للسعودية و تعهد بأن تصبح دولة «منبوذة» وها هو يأتي إليها يستجدي منها زيادة إنتاج النفط حتى تهدأ أسعار البترول التي وصلت لأرقام فلكية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية التي أشعلتها أمريكا و أوروبا وهو ما ترفضه السعودية بشدة لأنها مستفيدة من ارتفاع أسعار البترول. كما أن أمريكا تخلت عن دعمها في حربها في اليمن وسحبت أطقم مظلة الدفاع الجوي الأمريكية التي كانت تغطي أجواء المملكة مما سمح للحوثيين حلفاء إيران بعدة ضربات صاروخية ضد المدن السعودية وهو ما يؤكد للمرة الألف أن الاعتماد على الأمريكان هو خطأ كبير لا يغتفر.
كما أن العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين السعودية والصين وصلت إلى مراحل لا يمكن التراجع عنها والرياض تعلم أن زيارة بايدن هدفها الرئيسي هو إبعاد السعودية عن الصين وروسيا التي استطاعت تمويل حربها ضد أوكرانيا من زيادة أسعار البترول ومازالت تواصل التعاون مع الرياض حتي الآن لجني الأرباح الهائلة من بيع البترول بالأسعار المرتفعة والتي تسببت أيضا في ارتفاع معدلات التضخم في أمريكا وأوروبا والعالم كله إلى مستويات غير مسبوقة يعاني منها الاقتصاد الأمريكي والأوربي بسبب رفض المملكة السعودية التعاون مع الإدارة الأمريكية التي أخطأت في تقدير أهمية السعودية التي كانت حليفا إستراتيجيا لا يتأخر عن دعم أمريكا بمئات المليارات من الدولارات كاستثمارات وودائع تضخ في شرايين الاقتصاد الأمريكي .
يحاول الرئيس الأمريكي إصلاح أخطاؤه من خلال زيارة الرياض و عرض تحالف إستراتيجي مع أمريكا و من خلال عقد قمة لكل دول الخليج و معها مصر والأردن والعراق كنوع من التكريم و الاعتذار وفي باطنها محاولة خبيثة لتكوين تحالف عسكري يضم كل دول القمة ويلحق بهم الكيان الصهيوني للحرب ضد إيران ومن الواضح أن الحسابات الأمريكية تزيد أخطاؤها بخطأ جديد لأن علاقات تلك الدول مع إيران متفاوتة فمثلا قطر وعمان ومصر لا يجدون خطورة عسكرية حالية عليهم من إيران و العلاقات الإيرانية الاقتصادية في أعلى درجاتها مع الإمارات.
كما أن السعودية نفسها لا ترحب أن تدور الحرب في الخليج على أرضها خاصة أنها تتصدر دول الخليج بل و الشرق الأوسط اقتصاديا رغم أنها تحارب في اليمن منذ سبع سنوات وهي تعلم أن الحرب مع إيران القوية عسكريا سيكون مختلفا تماما من حيث حسابات المكسب والخسارة بالإضافة إلى أن التعاون عسكريا مع إسرائيل سيكون مرفوضا تماما من مصر التي تمتلك القوة العسكرية المؤثرة في أي تحرك ضد إيران ومصر تفضل مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة بطرق ووسائل غير عسكرية من خلال الاقتصاد والسياسة وتشابك الدول بالمصالح الاقتصادية كما هي تفعل الآن مع العراق ولبنان وبذلك فإن ضم إسرائيل لدول المنطقة بحجة أننا كلنا سنحارب إيران لن تنجح و لعل هذا ما يفسر محاولات التقارب القطري مع مصر الفترة الحالية لأنها لا تريد مواجهة إيران عسكريا و بذلك فهي تتفق مع القاهرة في هذا الأمر و لأن إيران وقفت معها و دعمتها في أزمتها مع دول الخليج ومصر خلال السنوات السابقة .
أما عن الملف النووي الإيراني الذي أستهلك سنوات طويلة من المفاوضات بين إيران وأمريكا والغرب فكلنا يعلم أن مصيره الفشل و أن إيران علي وشك امتلاك القنبلة النووية وأن على مصر والسعودية والإمارات حزم أمرهم والسعي بخطوات حقيقية للتحول إلى دول نووية وبسرعة لأن التمدد الإيراني في الشرق الأوسط لن يتوقف وسيزداد قوة وسرعة بعد إعلانهم امتلاك القنبلة النووية.
ولو كانت إسرائيل تملك القوة لضرب المفاعل النووي الإيراني ما ترددت ولعل في ضربها المفاعل النووي العراقي في الثمانينات من القرن الماضي مثالا حي ولكنها أضعف من أن تنفذ هذا القرار وتريد من دول الخليج الدخول معها وتبدأ الحرب ضد إيران ثم تترك هذه الحرب لتأكل الجميع وتتمتع هي بالبقاء بعيدا عنها.
أخيرا لن يحارب أحد معركتك أبدا ولا أظن هذه القمة المقبلة في الرياض ستخرج بنتائج حقيقية تمنع إيران من استكمال خطواتها لدخول النادي النووي وكل من يخسر روسيا والصين هذه الأيام سيدفع شعبه الثمن باهظا.
وللحديث بقية .
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية