نون والقلم

مجدي حلمي يكتب: ملاحظات على جلسة الحوار الوطني

أذاعت جميع وسائل الإعلام المصرية والعربية الجلسة الأولى لمجلس أمناء الحوار الوطني، وتابعت مع الملايين حديث أعضاء مجلس الأمناء حول رؤاهم للحوار وكيفية إدارته، والمحددات التي ستحكم عملية التحاور بين المكونات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمع المصري.

وجاءت الجلسة الأولى مبشرة لما هو آتٍ خصوصًا الوضوح الذي كان عليه الدكتور ضياء رشوان عندما أعلن كل القضايا مطروحة للحوار باستثناء الدستور رغم أن هناك مادتين أو ثلاث تحتاج إلى تعديل حتى تكون متسقة مع الاتفاقيات الدولية أو مع الوضع العام للمجتمع وعلى رأسها المادة الخاصة «بالكوتات» في انتخابات المجالس المحلية وهي مادة تحتاج إلى إلغاء الانتخابات وأن تتم تزكية أعضاء هذه المجالس وفق قائمة موحدة على مستوى الجمهورية.

والأمر الثاني الذي لاحظته على الجلسة الأولى هو غياب اتفاق على كينونة الحوار هل هو حوار سياسي أم حوار اجتماعي؟ وهذه الحالة كان يجب حسمها في الغرف المغلقة قبل الجلسة العامة خاصة أن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي كانت واضحة، فهو حوار وطني شامل وهو ما أوضحه أيضاً منسق الحوار في كلمته، فالعودة إلى إثارة هذه القضية قد تنال من الذي طرحها مرة أخرى في هذه الجلسة.

واجتماع مجلس أمناء الحوار هو بداية مهمة خاصة بعد نشر لائحة الحوار ومدونة السلوك وهما أمران جيدان- رغم بعض الملاحظات عليهما- إلا أنه مؤشر جيد بأن الأمور بدأت تأخذ مأخذ الجد، وعلى أطراف الحوار الاستعداد بدراسة الأفكار المقدمة للحوار وطرح الحلول الواقعية والبعد عن الجمل والعبارات الإنشائية والشعارات الرنانة والمزايدة أو المكايدة السياسية.

فالأحزاب والقوى المدنية المصرية أمام اختبار حقيقي، وعليها أن تثبت للشعب المصري أنها قوة حقيقية موجودة على الأرض وتملك خبرات وكوادر قادرة على إيجاد حلول لأصعب المشكلات، في المقابل على الحكومة أن توفر المعلومات لهم في جميع القضايا حتى تكون الحلول واقعية وقابلة للتطبيق وتضع في الاعتبار الأوضاع الإقليمية والعالمية، فأي قضية مهما كانت مغرقة في المحلية إلا أنها تتأثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالوضع العام الإقليمي والدولي وعلاقات الدول فيما بينها، وهذه العلاقات فيها أسرار محمية وفق الاتفاقيات الثنائية أو الدولية وحتى وفق قوانين حرية تداول المعلومات، وبالتالي على القائمين على الحوار توفير المعلومات للمتحاورين حتى يتحقق الهدف الرئيسي من الحوار وهو وضع قواعد الدولة أو الجمهورية الجديدة.

وما أعجبني في جلسة مجلس الأمناء تأكيد جميع أعضاء المجلس- ومنهم أصدقاء أعزاء وأعرف مواقفهم مسبقا- على مدنية الدولة المصرية وعلى الديمقراطية والمواطنة واحترام حقوق الإنسان الأعمدة الأساسية لها، وهي قواعد تخلق مجتمعاً حراً قادراً على التفكير السليم بعيداً عن التشنجات والتعصب، ويملك القدرة على التصدي لحرب الشائعات التي نعلم مصادرها جيداً.

فالحوار الوطني يحتاج إلى دعم فنى من خبراء كما طرح الدكتور عمرو هاشم ربيع رغم خبرات أعضاء مجلس الأمناء، وكان يجب أن توضع معايير حقيقية للخبراء خاصة أن هناك أدعياء يدعون الخبرة ونجدهم يتصدرون المشهد الإعلامي ويتم فرضهم علينا وعلى مجلس الأمناء أن يبدأ فورًا في وضع قوائم بأسماء الخبراء في كل المجالات والتنقيب عنهم ودعوتهم لجلسات استماع حول القضايا المطروحة على مائدة الحوار.

أتمنى أن ينجح مجلس الأمناء في المهمة الملقاة على عاتقهم، وهي مهمة إن نجحوا فيها ستظل أسماؤهم محفورة في تاريخ مصر وستكون تجربتهم محل دراسات أكاديمية في جميع جامعات العالم بدون مبالغة.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى