نون والقلم

مجدي حلمي يكتب: وداعا.. يسري شبانة

كل يوم نفقد رفيقا من رفقاء الدرب، هذا الدرب الذي بدأ منذ منتصف الثمانينات شباب جاء من كل أنحاء مصر، حلمهم الكبير أن يكون صحفيين يشار إليهم بالبنان.

معارك كثيرة خضناها في جريدة الوفد وفي النقابة وفي السياسة وأحداث حزينة وسعيدة مررنا بها. الأيام مرت سريعا علينا، فوجئنا وبدون مقدمات وبدون إحساس بأن العمر يجرى.

بدأ رفقاء الدرب يتساقطون، يختطفهم الموت واحدًا تلو الآخر، كل يوم نذهب لتشييع جثمان زميل أو صديق. وآخر هؤلاء ملاك من ملائكة الصحافة المصرية، رجل لم يكن في يوم من الأيام كذوبًا أو حاقدًا.. كلمة الحق عنده هي المعيار الأساسي لحياته، مبتسم، يعرف حدود الله.

فقدت أخي وصديقي وزميل العمر يسري شبانة.. مشوار طويل من العمل معًا في جريدة الوفد ثم في بوابة الوفد الإلكترونية.. كان يتحمل المسئولية ويؤديها بكل أمانة وصدق وإخلاص، دقيق في عمله لم أتدخل يومًا في وظيفته، وكنت أحمل عليه أعباء فوق طاقته كان يؤديها بحب وإخلاص.

يسري شبانة لم يكن صحفيًا فقط. ولكن كان مديرًا موهوبًا، يعرف أصول العمل الإداري، ويعرف وقت الشدة كيف يكون شديدًا ووقت اللين كيف يكون لينًا.

كان يظهر الشدة على الزملاء ويأتي إلى ويقول لي «إرخي معهم أنت».. همه كيف يسير العمل بانتظام وانضباط.

يسري شبانة لم يخن الأمانة التي حملها في حين خان غيره، لم يتربح من عمله في الوقت الذي فلعها غيره، لم يضرب زملاءه بخنجر من الخلف حتى يصعد على أكتافهم ويأخذ مكانهم في الوقت الذي تلقى فيه عشرات الخناجر في ظهره من ناس ساعدهم وأخذ بيدهم في سلم الصحافة وعندما اشتد ساعدهم طعنوه من الخلف، كان يشكو منهم لكنه كان يسامحهم في أول لقاء بهم.

يسري شبانة البشوش صاحب القلب الطيب النقي، صاحب الابتسامة الرقيقة، لم يكن يوما مؤذيًا ولم يكن يحمل حقدًا في قلبه وعقله، كان كارهًا للظلم، متعاطفًا مع كل مظلوم حتى لو لم يعرفه. حاز على تقدير واحترام الجميع حتى مصادره في جميع مديريات الأمن كانوا يحبونه ويحترمونه. بل يمدونه بالأخبار قبل زملائه ثقة فيه وتقديرًا لأدبه الجم.

لم يكن يسري شبانة إلا ملاكًا في صورة بشر، فكم الحب الذي لاقاه يوم وداعه من أصدقائه وتلاميذه والدعاء له بالرحمة جعل الدموع تغلبني فراقًا عليه رغم أني تعودت على مشهد الموت في السنوات الأخيرة فقدنا فيها أحبابًا وأصدقاء وأخوة كان يملؤون حياتنا بهجة وسرورا.

رحم الله يسري شبانة الذي توفي في نفس الشهر الذي توفي فيه الصديق الغالي المرحوم عماد يونس وعلى ما يبدو أننا في شهر يونيو على مواعد مع الأحزان

اللهم ارحمهما واغفر لهما وأدخلهما فسيح جناتك فأنت السميع المجيب.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

 

  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى