- أهم الأخباراخترنا لكنون والقلم

فريهان طايع تكتب: مشلول العقل والتفكير

المشلول هو مشلول العقل والتفكير والقلب، كلمة الإنسانية قد اندثرت من قاموس الإنسان، اندثرت من ضميره، من أحاسيسه ومشاعره، من كيانه الإنساني.

هل يتخيل العقل أشخاص يستهزئون من أصحاب الإعاقة ويتنمرون عليهم في كل مكان وينظرون لهم نظرة ازدراء وكأنهم اختاروا إعاقتهم بنفسهم.

ثقتهم العمياء بأنفسهم أعمت بصيرتهم على النظر لحجمهم الحقيقي وطبيعتهم البشرية الضعيفة.

أنت إنسان أي كنت في الحياة قد خلقت من طين من نطفة، ضعيف جدا تتأثر بالمؤثرات الخارجية، تتأثر بالفيروسات والأمراض، تتأثر بكل الأمراض الجسدية والنفسية.

وأصحاب الإعاقة الذين ينظر لهم المجتمع نظرة احتقار مثلهم مثل كل البشر شاءت الظروف والأقدار أن يحصل لهم هكذا بسبب حادث أي كان هذا الحادث أو خلقوا ليجدوا أنفسهم هكذا .

هل تتخيل أنك لا تملك يدين لتمارس بها أنشطتك اليومية، هل تتخيل أنك لا تملك قدمين كي تذهب لأي مكان تريده.

هل تتخيل أنك لا تسمع حتى أبسط الأشياء صوت أمك، أباك أو حتى ابنك، هل تتخيل أنك لا تبصر حتى ضوء الشمس.

تتخيل أنك لا تستطيع حتى أن تتكلم أو حتى أن تعبر عن غضبك وتصرخ بأعلى صوتك أنك اختنقت وحزين، هل تتخيل و تتخيل؟

كم ستتخيل؟

أشياء بسيطة جدا لكن غيرك محروم منها وأنت تستهزئ به.

هل خلقت من أجل أن ترحم أخاك الإنسان أم لكي يصبح وجودك لعنة عليه وعلى أنفاسه.

قال أحدهم من الأشخاص الذين يعانون من أصحاب الاحتياجات الخاصة إن الناس يجرحونه بكلمة أنت معاق، تساءل واستنكر هل الإعاقة يوما كانت في الجسد أو العقل والتفكير، وما ذنبه هكذا كان سؤاله .

سؤاله كان في مكانه لأن الإعاقة هي إعاقة التفكير السطحي والأناني، عندما تقصي غيرك وتعتقد أنك في حماية قصوى وأنه لن يحدث لك ما حدث له .

من قال إنك أنت أو أنا أو أي إنسان آخر لن يحدث لنا شيء في حياتنا، صحتك بيد الله وليست بيدك أنت.

عندما أرى الأطفال الذين يعانون من السرطان، الأطفال الذين يفقدون كل لذات الحياة ويتعالجون بالكيميائي وكل يوم يسقط شعرهم ويخجلون من مواجهة المجتمع بدون شعر ووجه مشرق

بالحياة ويعانون ويكابدون، أشعر بالاختناق أقول ماذا لو كنت يوما مكانهم، هل سأكون قوية مثلهم، هل سأتحمل ما يتحملونه يوميا.

أقول ماذا لو فقدت صحتي يوما من الأيام وأصبحت يوما عاجزة.

أنا أو أنت أو أنتي كلنا بشر ضعفاء، كلنا لسنا بمعزل عن أي مرض أو حادث يفقدنا حاسة لم نكن نشعر بقيمتها يوما .

وذلك الشخص الذي يتنمر على أصحاب الاحتياجات ليس إنسان بل جاهل لأنه نسي أن الذي ابتلى غيره بإمكانه أن يسلط عقابه عليه هو بالذات.

وارحموا كي ترحموا وضع نفسك مكان ذلك الشخص أنت اليوم في نعمة كبيرة جدا احمد الله عليها وارحم غيرك الذي ابتلاه الله بفقدان صحته وحاسة أنت لا تشعر بقيمتها إلا عندما تفقدها .

ارحموا خاصة هؤلاء الناس يكفيهم ما هم فيه، لماذا كل هذا التجريح والنظرات لهم.

تذكروا أن الله رحيم جدا وأوصى بالرحمة ومن لم يرحم لن يرحم.
لكن الغريب هو هذا المجتمع، أستحضر في هذه لحظة حلقة في برنامج تليفزيوني للداعية الدكتورة الرائعة هالة سمير حاولت إحدى السيدات إحراجها وتوجهت لها بسؤال بمنتهى الوقاحة تمثل في «هو إنتي ليه يا دكتورة اتجوزتي واحد مشلول ».

حاولت أن تحرجها بسؤالها وكأنها ارتكبت ذنب ولكن الذي فعلته الدكتورة هالة سمير رفع شأنها جدا في نظر كل من يتابعها، قلت كم هي حقيقية، كم هي صادقة، كم هي غير مزيفة، كم هي نبيلة وإنسانة صالحة، كل الصفات لا أستطيع حتى أن أصفها بها لأنها لا تعبر ولو قليلا عن شخصيتها الراقية والطيبة.

لم تتهرب الدكتورة هالة من الإجابة لأنها امرأة قوية أجابتها «المشلول هو مشلول العقل، والمشلول هو مشلول القلب، أدين بكل فضل له وبكل خير له، الإعاقة هي إعاقة القلب إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم ، وأنا ما شوفتش فيه حاجة تستدعي انو ارفضو، من جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، الراجل راجل صالح يحب الله، المهم الزوج الذي يتقي الله ، وأنا عمري ما شوفتو مشلول ».

كلام في منتهى الرقي قالته الدكتورة هالة، كم شعرت أنني احترمها وأقدرها في هذه اللحظة، امرأة تقدس مفهوم الحب للحب نفسه، في زمن أصبح فيه الحب للمظاهر وليس لذات الشخص، هي أخلصت للحب وفهمت كل كلمة من كلماته.

في نظرهم الشخص الذي يعاني من احتياجات ليس من حقه أن يحب وأن يتزوج وأنه ينقصه الكثير، بينما الرجل الحقيقي لا يعيبه شيء، هو يكون مشلول فقط عندما لا يكون رجل حقيقي وشهم، كاذب ومزيف من امرأة لامرأة، من سيناريو لسيناريو من فيلم لفيلم.

الرجل المشلول ذلك الذي يكذب كثيرا، ذلك المنافق وليس الرجل الذي شاءت الظروف أن يفقد صحته، لكن قلبه سليم وروحه نظيفة.

المشلول هو ذلك الذي يملك كل شيء لكنه مشلول في عقله، لا يخاف الله وغير صادق وآمين.

هذا الفرق والمجتمع للأسف لا يميز بين المشلول الحقيقي مثل ما وصفته الدكتورة هالة سمير مشلول القلب والعقل.

للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى