السيادة أو الإرادة الشعبية من المفاهيم التي تثير الجدل منذ القدم ما بين فقهاء القانون، والفلاسفة، ومنظرو العلوم السياسية.
والواقع إن فكرة السيادة تقوم على أنها مفهوم قانوني، سياسي. ارتـبط بوجـود الدولـة القوميـة الحديثة، وأصبح أحد أهم خصائصها وسماتها الرئيسية.
جان جاك روسو في أطروحته الشهيرة عن العقد الاجتماعي. يقول: «إن العقد الاجتماعي يعطي المجتمـع السياسي سلطة مطلقة على كل أعضائه. وهذه السلطة المطلقة التي تتولاها إرادة عامة تحمل اسـم السيادة، والسيادة ليست سوى ممارسة الإرادة العامة لا يمكن أبداً التصرف فيها، وصاحب الـسيادة، هو كائن جماعي لا يمكن لأحد أن يمثله أو ينوب عنه سوى نفسه»، في فكر روسو، يجب أن يتكون الشعب بصفته صاحب السيادة من كل مواطن على قدم المساواة. يجب التفكير بعناية في قراراتهم، حيث لا ينبغي لهم الموافقة على أي شيء من شأنه أن يضر بالمصالح المشروعة لكل فرد. لذلك بالنسبة إلى جان جاك روسو، فإن السيادة هي الشعب.
التاريخ كتب أن يمثل شهر يونيو مكانة بارزة في الوجدان والتاريخ المصري، ما بين الهزيمة والانكسارات، والانتصارات؛ يونيو هو الشهر الذي شهد تنصيب محمد علي باشا على حكم مصر عام 1805 ورغم الاختلاف عليه تاريخياً وعلى حكم أسرته، يعد بحجم إنجازاته واتساع مشروعه، مؤسس مصر الحديثة، ثم كان 18 يونيو سقوط الملكية وإعلان الجمهورية بموجب الإعلان الدستوري الصادر عن مجلس قيادة الثورة 1953، ثم 18 يونيو 1956 الذي شهد رحيل آخر جندي بريطاني عن أرض مصر، وفقا لما نصت عليه اتفاقية جلاء الإنجليز، التي وقعها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر مع اللورد «ستانسغيت» ليكون «عيد الجلاء». ثم نكسة يونيو من عام 1967، ثم النكسة الأكبر في يونيو 2012 . مع إعلان وصول مندوب «الجماعة المحظورة» إلى سدة الحكم في مصر.
حديثاً؛ كان يونيو شهر تجسيد الإرادة الشعبية المصرية في يونيو 2013، ثم يونيو 2014؛ الثلاثون من يونيو 2013 كانت عودة الوعي والروح للإرادة الشعبية المصرية، حيث استرد الشعب السيادة، وأصبحت السيادة القائمة معبرة بصدق عن الإرادة الشعبية، التي عبرت بقوة عن سيادتها الوطنية، فعموم المصريين منذ اليوم الأول في سنة حكم الجماعة السوداء كان قرارهم الواضح مواجهة مخطط الأخونة ورفضه. وهو ما تولد عنه إرادة شعبية حقيقية انتفضت لتقاوم وترفض الفاشية الإسلامية التي مثلتها الجماعة المحظورة. واستبدلتها بنظام وطني جديد يعبر عن الإرادة الشعبية. يمثل الدولة والوطن لا التنظيم، يعمل على تعزيز المقدرات والمصالح الوطنية لا مصالح الجماعة والتنظيم الدولي. فكان الثامن من يونيو 2014 الذي مثل لحظة فارقة في مأسسة الإرادة الشعبية بتأكيد صوت الشعب في اختيار من يحكمه.
الآن وفي يونيو 2022؛ أي بعد نحو تسعة سنوات من ثورة يونيو المجيدة 2013، وثمانية سنوات من مسيرة التنمية واقتلاع جذور الإرهاب للرئيس السيسي، نحن بحاجة لتأكيد العهد وتأكيد ثقة الإرادة والسيادة الشعبية المصرية في «جمهورية يونيو» التي تعبر منتصرة وتسير بخطى ثابتة نحو «الجمهورية الجديدة» في إطار دولة مدنية حديثة، وعقد اجتماعي جديد قائم على ركائز راسخة مستقرة؛ دستورياً، سياسياً، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً. ولتحيا مصر بإرادة شعبها.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية