نون والقلم

طارق تهامي يكتب: تجربة اقتصادية خارج الصندوق

بمناسبة الأزمة الاقتصادية العالمية، الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، اسمع هذه الحكاية.. ألمانيا لديها تجربة ناجحة جدًا لتوفير اللحوم، وكانت التجربة في وقت عصيب للغاية هو وقت الحرب.. التجربة تستحق الحديث عنها حتى نتعلم منها.

خلال الحرب العالمية الثانية، كان الوضع الداخلي الألماني في غاية السوء، وكان الموت جوعاً، هو مصير عدد كبير من أبناء الشعب، الذي تعرض لنكسة كبيرة، خلال الشتاء، بسبب نقص الطعام، ونقص الملابس الواقية من البرد، لأن الجيش الذي يحارب، كانت له الأولوية، من حيث توفير المأكل والملبس، وهنا أدرك الفريق الاستشاري للقادة الألمان، حجم المشكلة، فقرروا توجيه الأوامر لأبناء الشعب، بتربية الأرانب، سريعة التناسل، والإنتاج، لتناول لحومها، واستخدام فروها في صناعة ملابس تحمي الأجساد من الموت برداً!!

الغريب أن الألمان تمكنوا خلال شهر واحد من تنفيذ مخططهم، الذي أدى لحماية المدنيين من الموت في العراء. بل وتم توريد كميات هائلة من اللحوم والفراء للجيش الألماني، بغض النظر عن هزيمة هذا الجيش في معارك عسكرية، فيما بعد، أمام الحلفاء.

نتائج هذا المشروع، الوطني، جعلت ألمانيا حتى اليوم، من أوائل الدول المربية للأرانب، المستفيدة من لحومها وفرائها.. حتى إن قطاع تصنيع لحوم الأرانب في ألمانيا، أعلن منذ عدة أعوام، أن الشعب الألماني يستهلك أكثر من 41 ألف طن من لحوم الأرانب كل عام، وهي كمية كبيرة جدًا تؤكد أن تربية هذا النوع من اللحوم، تحولت إلى مشروع وطني وقومي يشارك فيه الجميع.

ونحن في مصر.. إذا تحدثنا عن توفير اللحوم، وحماية الاقتصاد من هلاكه، أمام الاستيراد المحموم للبروتين، فيكفي أن نطرح مشروع تربية الأرانب!! نعم الأرانب، وهي أداة لتوفير اللحوم البيضاء، فهي لا شبيه لها، من حيث الجودة، والكمية، والتكاليف، والمدة اللازمة لدورة الإنتاج!! ويمكننا أن نطرح مشروع تربية مليار أرنب في كل عام، إذا اعتبرناه مشروعا قوميا. يحمينا من الاستيراد، ويجعل كل أسرة قادرة على تربيته، إذا كان هناك توجيه مركزي للمشروع!!

قرأت منذ فترة، عن الدعوة لمشروع، قام به عدد من مربي الأرانب، يستهدف إنتاج مليار أرنب سنوياً، ولكن الدعوة توقفت لأسباب غير واضحة، وأعتقد أننا يمكننا تجديد الدعوة، لأننا نستطيع مثل الألمان، أن نقوم بإنتاج مليار أرنب كل عام، بشرط طرح مشروع قومي واضح في هذا السياق، ونستطيع توصيله إلى 10 مليارات أرنب، خلال عامين فقط!! وقد تقول لي الموضوع «مش سهل» وربما تسأل: ما أهمية الأرانب حتى نقوم بتربيتها، دون غيرها؟

تعال أُجبك من خلال فقرات قرأتها خلال «بوابة أراضينا» الإلكترونية والمهتمة بشأن الزراعة والإنتاج الحيواني.

تعتبر الأرانب من المشاريع التي إذا أحسن إدارتها حققت ربحًا مجزياً، حيث تنفرد عن غيرها من مشروعات الإنتاج الحيواني بسهولة تربيتها، حيث تقوم الأم بإرضاع صغارها ورعايتهم حتى الفطام، والأرانب لا تنافس الإنسان في غذائه، حيث لا تعتمد على الحبوب في علائقها، بل يمكن استخدام مخلفات التصنيع الغذائي ومواد غذائية غير تقليدية في تكوين علائق الأرانب، ويسهل تربية الأرانب بأعداد كبيرة في مكان محدود، نظرًا لحجمها الصغير، وكفاءتها العالية في تحويل الغذاء إلى لحم وسرعة النمو، حيث وجد أن الحصول على كيلو جرام من لحوم الأرانب يستغرق 25 % من الوقت اللازم للحصول على كيلو جرام من اللحم البقري.

تعالوا نفكر خارج الصندوق ونتعلم من تجارب الآخرين ونتجه للإنتاج المضمون  الذي يوفر طعامًا غنيًا بالفوائد الصحية بتكاليف رخيصة اقتصادياً!!

‏tarektohamy@alwafd.org

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى