ما عادت الحروب دبابات وطائرات وبنادق، ذلك كله أصبح من الماضي، فقد تطوّر كل شيء، كما تطوّرت الحروب نفسها، ففي البدء كانت تعتمد على عدد الرجال وعدتهم، من جياد وسيوف وعضلات مفتولة، ثم انتقلت إلى «المنجنيق» القاذف للحجارة لهدم الحصون وأسوار المدن، وجاءت المدافع ومعها البارود، حتى وصلنا إلى ما نشاهده الآن، من صواريخ يعلن عنها ولا تزال آثارها المدمرة مجهولة، ومن خلفها طائرات مسيّرة ببرامج تبعد مئات الكيلومترات، و«غوغل» لم يقصّر، خرائطه تكشف كل المواقع، وتحددها بمقاييس متناهية الدقة، للقواعد العسكرية وتجمعات الجيوش، ولكل المنشآت الاستراتيجية العلنية والسرية في العالم كله، مع استثناء إسرائيل!
في الآونة الأخيرة بدأت مرحلة الانتقال إلى المواجهات الخفية، تقودها «الحروب السيبرانية» هم تحدثوا عنها، وبلا شك أنتم تعرفون من هم، وأطلقوا بعض القراصنة، من بعيد أو من قريب، لتعطل بعض الشبكات في بعض الدول، ووجهت أصابع الاتهام لدول منافسة لهم اقتصادياً أولاً وعسكرياً ثانياً، وكانت برامج الحماية والمواجهة جاهزة، ولجأ إليها العالم كله حتى يحمي اقتصاده وأعمال حكوماته وأسراره، بعد أن تصدرت تسريبات «سنودن» و«اسانغ» نشرات الأخبار، وتساقطت حكومات وشخصيات نافذة، حتى في الدول القائدة لهذه الحملة المنظمة، تمت التضحية بقلة من الأشخاص في مقابل كسب كبير.
قد لا تكون مكاسب الحروب الجديدة واضحة المعالم، فأدواتها المركزة على التطبيقات والبرامج. لا تقارن أسعارها بسعر طائرة حربية من الجيل الجديد، فالفارق كبير. ولكن المبالغ الإجمالية تقول العكس، فالطائرات تشتريها بضع دول وبأعداد قليلة. أما البرامج والتطبيقات فقد اشترتها الحكومات والمؤسسات بكل أشكالها. مالية ونفطية وراغبة في العمل عن بُعد. كلها اشترت واستخدمت وحدثت شبكاتها لتواجه حروباً جديدة تشمل كل شيء ما عدا السلاح!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية