نون والقلم

د. وليد عتلم يكتب: محاور الحوار الوطني والسياسي

أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقاء مع الإعلاميين عقب بدء موسم حصاد القمح عن الدعوة لحوار سياسي شامل. خلال حفل إفطار الأسرة المصرية الذي ضم ممثلين عن كافة أطياف المجتمع المصري. والقوى السياسية أصدر الرئيس نحو ثلاثة عشر تكليفاً بمثابة خارطة طريق للمرحلة المقبلة. أرى أن القيادة السياسية أطلقت وبدأت بالفعل الحوار السياسي والوطني. ووضعت محاور أجندته؛ حيث الثلاثة عشر تكليفاً هي أساس قوي وقاعدة متينة للحوار الوطني. تغطي كافة المحاور وتشمل عديد القضايا؛ سياسياً، حقوقياً، واجتماعياً، واقتصادياً.

مبادرة الدولة للدعوة إلى الحوار تعني أننا انتقلنا من مرحلة الدولة المهددة بالهشاشة إلى الدولة القوية القادرة التي لا تخشى إدارة التنوع والتعددية السياسية والفكرية، والدليل مائدة إفطار الرئيس التي شملت كافة القوى والرموز من مختلف التوجهات ــــــ ما عدا من لُوثت أيديهم بدماء المصريين ـــــــ دون تمييز أو استثناء.

الحوارات الوطنية ظاهرة ليست جديدة، وغير قاصرة على الدول النامية أو ما يطلق عليه بلدان الجنوب. الولايات المتحدة الامريكية عززت مفهوم الحوار الوطني أثناء تأسيس الجمهورية. وأثناء الحرب الأهلية، ثم مرحلة الستينيات، ثم مرحلة التسعينيات. الفكرة الرئيسية في هذه الحوارات الوطنية كانت تنصب دائماً على الجمهورية الأمريكية الموحدة. وتدعيم مبادئ النظام الرئاسي، وأن وحدة الدولة هي التي يجب أن تسود وتعمم. وليس ثقافات الأطراف أو الجماعات الفرعية هي التي يجب أن تشجع وتبرز بما يهدد وحدة الدولة. القارة العجوز كذلك فعلتها مسبقاً لاحتواء تداعيات انهيار الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية.

الاقترابات النظرية في العلوم الاجتماعية تذهب إلى أن «الحوارات الوطنية في حالات النزاع هي طريقة فاعلة للتغلب على الخلافات والانشقاقات الداخلية، ولإعادة بناء العلاقات بين الدولة ومؤسساتها ومجموعاتها المختلفة في مجتمع يمزقه النزاع بهدف التوصل على النحو الأمثل إلى عقد اجتماعي جديد بين مجموعات المصالح المتنوعة المعنية بالنزاع».

فما بالنا؛ والدعوة للحوار تأتي من أرضية راسخة لدولة مستقرة، موحدة ومندمجة وطنياً، لا تعاني أية نعرات حزبـية أو طائفية أو قبلية كما هو الحال في بعض الدول المجاورة ـــــــ لبنان والسودان على سبيل المثال ـــــــ، وهو أساس مهم ورئيسي لنجاح الحوار، الحوار هنا في الحالة المصرية هو آلية لمواجهة التحديات وليس فض النزاعات، ومن ثم ينتظر أن يكون الحوار الوطني القادم أكثر فاعلية، وتطور نوعي مهم للحياة السياسية في مصر، ومخرجاته على قدر كبير من الأهمية لحاضر مصر ومستقبلها.

إن الحوار الوطني يجب أن ينطلق من قاعدة رئيسية مفادها دمج وتجميع وحشد الجهود الوطنية لدعم الدولة المصرية في مواجهة التحديات المتزايدة خاصة الاجتماعية والاقتصادية منها بعيداً عن المصالح الحزبية والسياسية الضيقة، لذا فالكرة الآن في ملعب القوى والأحزاب السياسية لتقديم إسهام فاعل وجاد في حوار وطني سوف تمثل مخرجاته أساس للدولة لعقد جديد قادم، خاصة وأن الدعوة جاءت مباشرة، مفتوحة وشاملة لكافة القوى والتيارات دون استثناء. إن الدعوة للحوار الوطني وعلى هذا النحو هي تتويج لعديد المبادرات المجتمعية والسياسية السابقة، وهي فرصة يجب أن يغتنمها الجميع إعلاءٍ لمصلحة مصر الوطنية أولاً وأخيراً.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدول

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى