وكأن الماء البارد قد سُكب على رؤوس أهل الأرض، في العاشرة من مساء يوم الأول من أمس، لحظة الإعلان عن هزيمة مارين لوبان، وليس فوز إيمانويل ماكرون.
كل الذين يخشون تمدد التطرف اليميني العنصري في أوروبا، كانوا يضعون أيديهم على قلوبهم، خشية ممارسة الشعب الفرنسي هوايته في التغيير، وعدم الالتزام بنمط رئاسي واحد، لفترتين متتاليتين، حتى لو كانت تلك المنغمسة في وحل التشدد، والانجراف خلف فكر كان السائد، أنه قد أصبح من ذكريات الماضي، ولكن الفرنسيين تخلوا عن طباعهم في اختيار الرئيس، ورضوا بالاستمرار لخمس سنوات أخرى، في ظل الاستقرار، والحفاظ على تماسك المجتمع الفرنسي، رافضين اختبار الوقوع في براثن حزب تأسس على مبدأ التمييز بين فئات الشعب، وتحالف مع الذين يتبنون نفس أفكاره المتطرفة، والساعية إلى إعادة أوروبا إلى عصر قد ولى واندثر.
سقطت مارين لوبان بفارق 17 % عن ماكرون، ومع ذلك، تفاخرت بأنها حققت أكثر من 41 % في هذه الانتخابات، ورحّلت جلوسها على كرسي الرئاسة خمس سنوات أخرى، وهي محاولة، ولا تزيد على ذلك، محاولة البقاء على رأس حزبها، والاستمرار في استقطاب الأتباع، كما فعلت بعد انتخابات 2017 التي خسرتها، وهذا بالتأكيد لن يحدث، فهذه السيدة بفكرها و«قبح» ما تطرح، تلقت رسالة واضحة، مفادها أنها غير مرغوب فيها، حتى لو كان الفارق بينها وبين ماكرون 1 %.
في المناظرة الأخيرة، والتي سبقت الانتخابات النهائية ببضعة أيام، كان رد ماكرون عليها، عندما تحدثت عن المسلمين والحجاب. هو الضربة القاضية للمتعجرفة، كلماته هي التي أسقطتها. عندما قال لها «أنت تريدين إشعال حرب في البلاد»، ففي هذه اللحظة. كتبت نتيجة معركة الأحد 24 أبريل 2022، وقال الفرنسيون «لا»، لداعية عنصرية تحرض على الكراهية. ولا تريد أن تكون رئيسة إلا لمجموعة تحمل نفس الفكر المتطرف.
إنها الهزيمة، ليس هزيمة مارين لوبان، بل هزيمة مشروع الكراهية.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية